تابعنا الأحداث الماضية في تونس ومصر وانتهاء ثورة الشعب بتنحي رؤسائها ، وترقبنا للأوضاع القادمة في أكثر من دولة عربية بدأت فيها مظاهرات من أجل تعديل أوضاعهم أو الإطاحة بالحاكم ومطالبتهم بالتنحي ، تلك الأحداث ستُذكر في التاريخ ، ولن تنساها تلك الشعوب التي عاشتها وتفاعلت معها ، ولا حتى دول العالم أجمع ، وسيذكرون أنه في يوم من الأيـام كان هناك صوت للشعب في التأثير والتغيير الذي بلغ مداه لرئيس الدولة ليُطالبوا وبكل قوتهم وبأعلى أصواتهم بأن يتنحى ، ولم تمضي الأيام حتى تؤكد مقولة ” الشعب له كلمة ” ، بل الشعب له حق تحديد مصيره ، والمشاركة في التغيير لما يضمن لهم حقوقهم ، بدلا من الحاكم الذي اهتم بنفسه ونسي أبنائه في تلك الأرض التي ولدوا فيها وضحوا من أجلها ، ولم يجدوا الاهتمام الكافي ، أو أنهم ظلموا وتركوا على حالهم دون أن يكون هناك قرارات رئاسية للاهتمام بالفرد والسعي نحو راحته وضمان حقوقه .

الرسـالة وصلتنا من تلك الأحـداث المثيرة ، ودروس نتعلم منها ونستفيد لمواجهة مصاعب الحياة وتحديات المستقبل ، فالشعب التونسي والمصري قالها وبملء أفواههم ” لنــا كلمة ” ولم يلتزموا الصمت وتعاملوا مع الوضع وكأن شيئا غير موجود ، ورضوا بما هم عليه ، بل ثاروا وغضبوا وقتلوا من أجل أن تُسمع كلمتهم بعد أن طال الوضع ولم يجدوا في حكومتهم رجل رشيد يعاونهم ويسمع لهم ويشعر بمعاناتهم أو يساهم في تعديل أوضاعهم ، وفعلا كانوا كالجدار صامدين أيام وليالي ، وخيموا في الشوارع دون أن يرضى أحدهم بتلك التغييرات الشكلية لإسكاتهم ، أرادوا بداية جديدة وحياة أفضل لهم ، فكان لهم ما كان ، ووصلت كلمتهم للعالم أن الفرد له حق في الكلمة والتغيير .

تعاني أغلب الدول من أمور تنغص عليهم عيشتهم ، رغم حياتهم المستقرة ، ولكن رضاهم لما يحدث وتقبلهم للوضع والسكوت على تلك النقاط السوداء التي ظهرت لهم في جوهم الصافي والهادئ ، جعل أصحاب النفوذ بالظهور أكثر وأكثر ، دون الاكتراث بحال الفرد وصعوبة عيشه في ظل الشجع المادي من قبلهم ، ونضرب المثل في ارتفاع الأسعار ، حيث نلاحظ أنها ترتفع من فترة لفترة دون تحرك قوي أو سيطرة من الجهات المختصة في السلع الغذائية ، فلا يصدق أن السعر الموجود في وطنك أضعاف ما هو في الخارج ، وتظهر عبارات التبرير ” البترول ارتفع ” ” البلد المورد أوضاعه صعبة ” ونتسائل هل ارتفاع البترول أثر علينا فقط وكيف لم يؤثر على الدول المجاورة ؟ وماذا سوف يحدث لو ثار الشعب على تلك الزيادات وعمل المظاهرات السلمية أو حتى قاطع المنتجات وهجر الأسواق والمولات ، وقلنا كلمتنا بهدوء وبشكل سلمي ، فالنتيجة ستكون خضوع كبار التجار لنا وتخفيض الأسعار ، بل اذكر في إحدى الدول قام التجار برفع أسعار اللحم ، فما كان من الشعب إلا الرد عليهم بمقاطعة اللحوم والاعتماد على المنتجات الأخرى ، ولم تمضي أيام حتى عادت أسعار اللحم لطبيعتها ، فهذه هي قوة الفرد وكلمته .

 

وهنا لا ندعوا إلى استخدام حقك في قول كلمتك لعمل المظاهرات ضد دولتك ، بل حتى هذا الحق يجب أن يكون إيجابيا ويساهم في بناء المجتمع بشكل صحيح وسليم ، استخدم كلمتك عندما تشاهد أمورا تؤذي المظهر العام ، أو إعطاء صورة سيئة عن الخدمات المقدمة في وطنك، لأن دور كل شخص  يعيش على تلك الأرض أن يساهم ولو كان بكلمة في البناء والقضاء على المظاهر السلبية ، ومثال على ذلك ، في الفترة الماضية يتلقى مواطنون في دولتنا مكالمات مزيفة من جنسيات آسيوية تبلغه بالفوز بمبلغ مليون درهم من إحدى شركات الاتصالات ، فما كان من البعض الإبلاغ عن هذه المكالمات والتحذير منها ، والسؤال كم مرة قمت بالاتصال والتبليغ عن مظاهر أو أمور سلبيه في دولتك ، وماذا ستكون النتيجة لو التزمت الصمت ، فاعتقد أن الظاهر ستزداد أكثر وأكثر ، كذلك في المتهورين في قيادة السيارات والذين يعرضون حياة الآخرين للخطر  ، هل قمت بواجبك بالاتصال بالجهات المختصة لاتخاذ اللازم  ، أم أنك تركت ذلك السائق يحصد الأرواح دون مُبالاة .

هناك أمور كثيرا في حياتنا تحتاج إلى كلمة منا ، والكلمة يجب أن تكون في محلها ، وأن نستخدمها بالشكل الأمثل بما يضمن الاستقرار وتوصيل الكلمة بطريقة راقية ومحترمة ، وأن لا تكون كلماتك جارحة كالسم القاتل فتؤذي الناس بها أو تكون سببا في الفوضى ، ففي هذه الحالة يجب أن يتم التصدي لك ، لأن استخدامك للكلمة كان بشكل خاطئ ، ولم تحقق شروطها المطلوبة منك ، وكانت نتيجها التأثير السلبي الذي ربما يصل للخراب ، وهذا ما لا نرغب به ، فالكلمة لها قوتها وتأثيرها ، وانت من تحدد كيفية استخدمها ، ونقولها لك ” قل كلمتك ” ولكن بما يتناسب مع الوضع ، فهناك شعوب مستقرة وتزعجها أمور بسيطة ، فهل هي بحاجة لثورة من أجل تلك الامور ؟ ، وهناك شعوب نفذ صبرها الذي وصل لأكثر من عشر سنوات ، فكان لابد من التغيير من خلال المظاهرات والتي كانت سلمية ، فالكلمة حق ، ومن حقك أن تقول كلمتك .

6 thoughts on “لك كلمـــة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *