في كل صباح يتوجه الناس بأنواعهم وأشكالهم وجنسياتهم إلى العمل ، ليقوم كل منهم بأداء مهامه الوظيفية والتي تم تعيينه عليها ، فهناك من أكمل سنته الأولى كموظف ، والآخر أصبح من أهل الخبرة فقد تجاوز الخمس سنوات والكل يعمل ، والكل يتفاعل مع كل ما هو جديد يطرأ على عمله ، وكلنا مشتركون في أمور مشابه رغم اختلاف المؤسسات والجهات الحكومية التي نعمل فيها ، ولكل منا أهـدافه  الخاصة والتي يود تحقيقها خلال تلك المرحلة المهمة في حياة كل فرد ، وهذه الأهداف تختلف على حسب الطموحات والتطلعات ، وأين يرغب في الوصول بعد ثلاث سنوات أو أربع ، فنجد موظف بدأ من الأرشيف ووصل إلى مدير إدارة ، ونجد موظف بدأ في مكتب لخدمة العملاء وما زال على نفس المكتب بعد مرور خمس سنوات ، لتبدأ مع هذا الموظف ونوعيته ما يسمى بالتراكمات السابقة .

نتفق جميعنا على أن العمل ما هو إلا عبادة وأمانة يحاسبنا الله بالثواب أو العقاب كل على حسب  استغلاله لوظيفته ، فإما يلتزم ويؤدي عملها على أكمل وجه وإما يستغله في أمور غير شرعية لا يرضاها أي أحد منا ، فنحن اليوم عندما نعمل ونتعب فهذا الجهد المبذول ما هو إلا محاولة منا لرد جزء بسيط من جميل الوطن علينا ،  وما نحن إلا واجهة عن المؤسسة التي نعمل بها وتلك المؤسسة ما هي  إلا صورة عن دولتنا الحبيبة ، فالموظف هو الأساس ، وسمعة المؤسسة لا تأتي إلا من موظفيها إما يرفعوها أو يخفضوها ، فهناك مؤسسات وصلت للعالمية والسبب موظفيها وأخرى وصلت سمعتها للحضيض والسبب موظفيها ، فالحياة العملية تتمثل في مثلث في أسفله الموظفين وفي أعلاها المدير والمسؤولين ، أي أن الاستناد الكلي ينصب على الموظف نفسه ، إذا فالمؤسسة الناجحة هي تلك التي تهتم بالعميل الداخلي قبل العملي الخارجي .

هناك مؤسسات وجهات حكومية لو تعمقنا فيها وعرفنا تفاصيل حياة موظفيها لوجدنا مشكلة منتشرة فيما بينهم ألا وهي التراكمات السابقة ، والمقصود بها أن الموظف عمل لأكثر من خمس سنوات ولكن لم يتم تكريمه أو ترقيته لدرجة جديدة ، وكلما تأخر التقدير كلما زادت تلك التراكمات حتى يتحول لدينا شخص عبارة عن كتلة من المشاعر السلبية في العمل ، مما يؤثر على إنتاجيته أولا ويؤثر بشكل سلبي  خطير على من حوله ، لتزداد المشاعر السلبية اتساعا حتى تعم غالبية الزملاء ، فتزداد التراكمات وتزداد السلبية وتقل الانتاجية  ويكثر التقصير والغيابات وعدم أداء الواجبات الوظيفية على أكمل وجه ، ونتيجة لذلك يؤثر على المؤسسة نفسها ، واعتبره مثل الحساسية التي تصيب الجسم إن لم تعالجه فورا فربما ينتشر .

أتيحت لي فرصة في تقديم عدة ورش للموظفين ، وشعرت فعلا بتأثير التراكمات القديمة عليهم ، لدرجة أن البعض منهم نسي واجباته المكلف بها ، والآخر ما إن تتحدث عن الطموح والتطلعات حتى يبدأ بالحشو فيك بتلك السلبية ويبدأ بكسر مجاديفك لترسوا عندهم وتكون من جماعتهم ،وإلا سيحاربونك لفترة ، وخاصة عندما تكون موظف جديد لديك طموحات فسيحاولون بشتى الطرق التأثير عليك لدرجة أن يصل للحقد والكراهية ، بالرغم من أنهم لا يعرفونك جيدا ولا تعرفهم والتعامل في مجال العمل ، ولكن كما قلت واكرر ما هي إلا تراكمات سابقة وعقليات متخلفة فيهم أدت إلى ذلك ، فصعب عليهم رؤية إنسان ناجح يتجاوزهم في سنوات قلائل ،وربما يكون مسؤول عليهم وهو ذو الخبرة البسيطة .

وأخيرا أخي الموظف اختي الموظفة ، إن المؤسسة أو الشركة التي تعمل بها ، لا ترغب في موظفين خاملين وسلبيين ، ومقصرين في عملهم بسبب تراكمات سابقة ، لأنك إن لم تلتزم في عملك كما يجب فعليك بترك العمل وإتاحة الفرصة لغيرك ، فهناك من ينتظر الفرص الصغيرة  ليبدع أكثر منك ، ويؤدي عمله على أنه أمانة وظيفية ، ولا يجعل الامور السلبية تؤثر في عمله أو حتى مشاكله مع زملائه ، لأن هناك بعض من الموظفين إهمالهم في العمل بسبب مشكلة بسيطه بينه وبين مديره ، والسؤال المهم ما علاقة العمل بتلك المشاكل ؟  هل بتلك الطريقة التافهه يمكنه أن تُحل الامور ، هل أصبحنا نفكر في الإهمال في أعمالنا بمجرد أن تكون هناك مشاكل وتراكمات سابقة ، لماذا لا نفهم معنى ان العمل عبادة وأمانة ، العالم وصلوا للقمر ونحن ما زلنا نفكر تفكير سطحي وسلبيين في أعمالنا ونسينا أن الوطن بحاجة لنا وعلينا تقديم الغالي والنفيس حتى لو كنت موظف كاونتر ، واترك التراكمات جانبا واهتم بنفسك ، ومن بعدها فكر في التحدث .

الجزء الاول من تراكمات موظف انتهى ، انتظروني في الجزء الثاني  مع حلول لتلك التراكمات ..

One thought on “تراكمات موظف ج1”
  1. يعطيك الف عافيه اخوي كلاااااام اكثر من رائع وجميل معبر يحمل بين طياته معاني كثيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *