انقضى عيد الأضحى المبارك ، وعاد الحجاج إلى ديارهم فرحين بتلك الأيام التي قضوها في أداء مناسك الحج ، وانتهى معه آخر أعياد المسلمين في هذه السنة ، وأغلقت آخر اللحظات المباركة في آخر شهر في السنة الهجرية ، ولو عدنا للخلف وتذكرنا لحظاتنا  وأوقاتنا منذ بداية السنة الهجرية الماضية وحتى الآن ، وتفكرنا كيف أنها مرت سريعة علينا ، وكأن رمضان وعيد الفطر كانا البارحة ، سبحان الله وكأنها لحظات وليست أيام وشهور مرت وانقضت وانتهت ، فالرابح من اجتهد وعمل لآخرته ، والخاسر من أنسته الدنيا حقوقه وواجباته ، فانغمس فيها وعاش في لذاتها ، ليُنهي جزء من حياته بصفحة سوداء لا بياض فيها ، ولكن طريق العودة مازال مفتوحا ، والوقت متوفر ، وكل ما علينا أن نبدأ بالحساب عما مضى وإعادة الاوراق لبداية جديدة مع سنة هجرية جديدة .

تحدثنا وكررنا عن موضوع التغيير ، وأن على الشخص أن يهتم بالتغيير في مرحلة من مراحل حياته ، واليوم أطالبكم بتقييم تلك المرحلة خلال السنوات الماضية ، والبحث عن مكامن التقصير ومعالجتها لتبدأ صفحة جديدة مختلفة تماما عن سابقاتها ، وسؤالي هنا ماذا تغير في حياتك ؟ وما هو جديدك ؟  هل أنت ذلك الشاب ذو الشخصية الضعيفة منذ سنوات ، لماذا لا تقيم نفسك وتغيرها للأحسن ، ماذا حققت ؟ وماذا أنجزت ؟ هل مازلت ذلك الفتى المراهق الذي يسهر على مواقع الدردشة أو يعود للمنزل متأخرا بعد حفلة شبابية في إحدى المقاهي ؟ ما هو موقعك من الإعراب في هذه المجتمع ؟ أين تصنف نفسك ، إلى متى يستمر تقصيرك في صلواتك وعباداتك ؟ متى ستفكر في أن يكون للقرآن الكريم نصيب من وقتك يوميا ؟ متى ستغير من طريقة حياتك الروتينية وتتفاعل مع المجتمع ؟ إلى متى وكيفما ولماذا التأخير والتأجيل والتسويف .

الدنيا دار ابتلاء واختبار ، فاعمل في دنياك لآخرتك ، وتذكر أن كل عمل تقوم به أنت محاسب عليه ، وهذه فرصة من رب العالمين في أن تتفكر في حياتك وتنظر لها نظرة واسعة شاملة وتقييمها بالطريقة الصحيحة ، لتبدأ معها عملية إعادة التهيئة ووضع النقاط على حروفها، حتى تستسلم حياتك للروتين الملل الذي لا يقدم ولا يؤخر ، وعلى قولهم ” ما يأكل عيش ”  كل شي يتطور ويتقدم وما زلت في مكانك كما عهدك الناس في السنة الماضية ، لم تتغير وكأنك تمثال وضع في وسط مدينة مزدحمة بالناس لا يقوى على الحراك ويتأثر بعملية التجوية والتعرية لكنه يبقى ثابتا دون حراك .

عملية التقييم  يجب أن تتواجد في حياتنا في كل يوم وشهر وسنة ، فالإنسان الذي يهمل تلك العملية في حياته ، فلا يبكي لاحقا لماذا هو متأخر عن الآخرين ، واذكر لكم قصة سمعتها في إحدى الدورات التدريبية يقول فيها أن  رئيس قسم ذو المؤهل الثانوي ( أنهى الثانوية العامة ) كان تحته موظفين يدرسون في الجامعات ، ومع مرور السنوات أنهى الموظفون دراستهم وتم ترفيعهم لدرجات أكبر من رئيس قسمهم الذي ذهب يشتكي وينادي بترفيعه لأنه أكثرهم خبرة ، ولكن لا مجال فالمؤهل لا يساعد على ذلك ، فنصحه احدهم بأن يُكمل دراسته حتى يحصل على ما يريده ويستحق ، ولم تمضي سنوات إلا وجاء هذا الموظف بشهادة البكالوريوس ليُتبعها بعدها بشهادة الماسترز وأخيرا الدكتوراه ، سنوات سريعة مضت ، ولكنه اليوم مدير لثلاث إدارات في عمله ، هذه قصة في أن مرحلة التقييم يجب أن يتبعها التغيير وعدم الانتظار فإلى متى سيبقى رئيس قسم ولماذا التأخير في التحرك .

أخيرا اقترب ذو الحجة من توديعنا لتبدأ بعده سنة هجرية جديدة ، وكلي أمل في أننا نبدأ من اليوم بالنظر لأنفسنا في المرايا ، والتحدث عن طموحاتنا وتطلعاتنا ، بل حتى مع علاقاتنا مع ربنا وهي الأهم وعلاقتنا مع الآخرين ، لنحاول مع السنة الجديدة أن نقضي على سلبياتنا ونطور من أنفسنا ، ونهتم بشؤوننا الدينية ونزيد من تقربنا إلى الله ، ونبحث عن ذاتنا ونجعل أنفسنا ذو تأثير على المجتمع أو الأفراد ، فالله الله يا أخواني وأخواتي انتبهوا على أنفسهم وزنوا حياتكم قبل أن تُوزنوا ، وفي هذه الدنيا أثبت نفسك وابحث عن ذاتك ، ولا تنظر للخلف ، فما مضى قد مضى وانتهى فعليك بالعمل من أجل اليوم ليوم غد والتعلم من الماضي .

أسئلة المناقشة :

  1. هل تقييم نفسك ؟ كيف تقيمها ؟ وكم مرة ؟
  2. كيف تبحث عن ذاتك ؟
  3. كيف تطور من نفسك ؟
  4. ما أهمية التقييم في حياتك ؟
  5. مواقف من حياتك كانت نتاج تقييم وتغيير ؟
4 thoughts on “سنة انتهت .. ومرحلة بدأت”
  1. تدوينة جميلة أخوي عبيد

    التقييم برأيي بعد كل عمل تقوم به أو مجمموعة أعمال كنت قد خططت للقيام بها في يومك أو الأسبوع أو الشهر …

    إذا أردت أن تتطور فانظر لمن حولك وتجاربهم وأقرأ كثيراً لتطور نفسك

  2. مسااااء الخير اخوي عبيد^^
    دائما مواضيعيك تثير تساؤلات في نفسي
    شو اللي قدمته ؟! وين وصلت؟!
    شو دوري؟!
    حبيت وين مكانك من الأعراب^^
    كلها تساؤلات تخليك تتفكر
    وأحييك على كتاباتك وتذكيرك الدائم(:
    أرد للأسئلة:
    ١) في أحيان كثيره لما اقرا شرات هالمواضيع تخليني اتفكر واتسائل
    وين وصلت .. شو اللي سويته للحين إيجابي ومفيد
    هل كان دوري فاعل
    ودوم حوار مع نفسي وأحيانا أمسك الورقه وأكتب
    شو اللي نويت أسويه وأنجزته أو التقدم اللي صار في حياتي للحين
    ٢) بالتسائل الدائم مع نفسي هذا إن فهمت سؤالك صح
    السؤال ما فهمت مقصوده^^
    ٣)بقراءة كتب في هالمجال ومحاولة التطبيق
    ومشاهدة ناس في نظري فاعلين وأقتدي بهم واتمنى تجاوزهم
    ومحاولة التركيز على الإيجابيات وتفعيلها أكثر وتجاوز السلبيات والتقليل من حدتها
    ٤) لو ماقيمت نفسي شلون بعرف شو التقدم اللي صار بحياتي
    وشو اللي أنجزته في نظري مهم جدا عالأقل كل بداية سنه
    أعرف شو اللي أنجزته وشو الخلل اللي استمر وناوي تتجاوزه
    ٥) في خطوة من خطوات النجاح وااايد حبيتها النقطه
    لما يطلب مني شغله أنجزها بأحسن مايكون
    لما أدش مناقشه أتذكر يكون لي فيها دور إيجابي فاعل أو أستمع
    وغير الطالب الناجح والفاشل كلها خطوات أثرت في حياتي وخلتني أتقدم
    آخر شي الإنكليزي كنت مو ذاك الزود امشي حالي في شهرين الإستاذ يحليله حتى يقول
    أنجزتي تقدم في ١٢ سنه ما قدمتيه ولو بعطيك التقييم بعطيك A

    يعني كل شي بيد الانسان بس نحن نهمل ونسوف ونأجل
    ونبي كل شي يينا بسهوله من دون تعب وهذا مايقدم
    >> هذربت واايد(:

    وسلمت يمناك أخوي عبيد وزاد قلمك نورا

  3. كل الشكر والامتنان على روعة بوحـك ..

    وروعة مانــثرت .. وجمال طرحك ..
    دائما متميز في الانتقاء
    سلمت على روعه طرحك
    نترقب المزيد من جديدك الرائع
    دمت ودام لنا روعه مواضيعك

    لك خالص احترامي

  4. مرحلة أخي .. تواجد وتعليقك الاروع ..
    وهذا ما نقصده في حديثنا يجب علينا ان نضع أهدافنا لسنة كاملة ، وبعد نهايتها نقوم بتقييمها كم هدف حققنا وأين وصلنا وماذا انجزنا ؟
    رد جميل منك بارك الله فيك ..

اترك رداً على عبيد الكعبي

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *