12_1246278839

إن من أسـوأ الامور التي تمر على الإنسـان في حيـاته هو التقليد الأعمـى للآخرين ، وهي من الآفات والظواهر المنتشـرة بيننا ، وهي إحـد الأسـباب التي تؤدي إلى اختفـاء شخصية الإنسـان في تعاملاته اليومية ، ويدع اتخاذ القرار للقيل والقال ، والاعتمـاد على حـديث الآخرين واختيار ما يُنـاسبـه ، فالأهـتمام بالآخرين والإنصـات لأحـاديثيهم إما أن تـؤدي إلى الضـياع وهذا هو الغـالب وإما تـؤدي إلى الصـلاح وهذه فئة قليلة ، وكأن هذا الإنسـان كالكرة يُلعب به كيفمـا يشـاء الآخرون وعلى حسب أمزجتهم ، فلا يستطيع التحرك خطوة واحدة إلا بمن حـوله ، وأبسط الأمثلة على ذلك حالات الضيـاع التي تحدث من انحراف الشباب للمخدرات وغيرها ، وعندما يتم سـؤالهم سيكون الجواب المتعارف عليه هو ” رفقـاء السـوء ” ، وهذا دليل على اعتمادهم الواضح بالرفقـاء دون ظهر شخصية واضحة تمنع الشخص من القيـام بذلك .


يجب على كل إنسـان يطمح لتحقيق النجاحات أن يعتمد الاعتماد الكلي على نفسـه ، ولا يهتم بالآخرين وحديثهم الذي لا يمر عليه إلا يومين ويختفي ، وإرضـاء الناس غاية لا تُدرك ، وكلام النـاس لا يُقـدم شيـئا ولا يؤخـر ، ولا يجد منه البشـر إلا الخراب في المجتمع ، مثل تلك المرأة اشترطت في زواج ابنتها أن يكون هناك ” كوشة ” ومغنيات ورقاصات ، وجميع أصنـاف الطعـام  ، وزفاف مُكلف رغم حالتها المادية المتوسطة ، وكل ذلك من أجل عدم فتح المجال لزميلاتها بالحديث عنها بالسلبية بعد حفل الزفاف ، وكما نلاحظ أن بعد كل  حفلات الاعراس نجد الانتقادات وكثرة الحديث وخاصة من النسـاء ، وهذا يـؤدي إلى خراب البيوت ، وسبب ما يحدث هو الاهتمام بالحـديث من الآخرين ، وكـذلك الأمر يحـدث في حياتنا الأسـرية ، فالشـاب عندما يُشـاهد شيئا جديدا لدى  ابن عمـه ، يطلب من والده ذلك الشـيء والسبب ” ليش ولد عمي عنده ” ، وتلك الفتاة تًصاب بالضيق والبكاء ، لعدم توفير الاهل لها ملابس مثل تلك التي تلبسها زميلاتها ، وتحدث كثيرا تلك المقارنات  وتحدث معها المشـاكل التي لن تنتهي مع تكرار المقارنة على أمـور آخرى ، فلو كان كل شخص لا يهتم بكلام الناس ولديه شخصيته وقدرته على اتخاذ القرار بنفسه ، لما تواجدت تلك الآثـار السلبية من النظر للآخرين ومقارنتنا بـهم .


ويجب أن نعلم أن الثـقة بالله تعالى ومن ثم الثقة بالنـفس ، عاملين مهمين في عدم النظر للآخرين والاهتمام بكلامهم ، ففي الأخير الإنسـان هو من سيتحمل نتائج قرارته كانت من نفسه أو كانت بالإعتماد على الآخرين ، وأفضل مثـال يُمكننا التعلم منه ، هو في قول الله تعالى : ((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) سورة إبراهيم (22)، هذا قول الشيطان الرجيم ، لكل من طاوعه وسـار خلفه ، فالدعوة وكانت منـه ، والاستجابة كانت منهم ، ولهـذا كان عليهم ان يتحمـلوا ما قاموا به بعد موافقتهم للشيطان ، وجميعنا نعلم أن الإنسـان مُخيـر وليس مُسير ، ومن اهتم بكلام الناس مات همـا ، ولن تكون لديه المقدرة على القيام بالاعمال او ممارسة الاعمال الحياتيـة ، وسيكون بانتظار الاحاديث من حوله ، لتكون عونا له في تحركه ، وعندما يقع الفأس بالرأس ، يبـدأ النـدم وترديد  عبارة ” يا ليتي لم اسمعهم أو امشي معهم ” وما يُفيـد النـدم بعد إنقضـاء الاجل .


وأخيـرا ، انصحكم ونفسي  بعدم الاهتمام بالآخرين ، فكل إنسـان ينظر لجانب معين وقليل من نجد من ينظر للجوانب جميعها ، ويهتم لمصلحتك  ويدلك على الطريق الصحيح ، وعندما تود اتخـاذ القرار فعليك بالتفكير فيه بنفسك استـفتاء قلبك ، أهـو نـافع أم ضـار  ؟ فذلك الشـاب يقرر شـراء سيـارة فيبدأ بالاستماع لحديث زملائهم ، وستكون أغلب الآراء أن تكون السيارة فاخرة ، ويُمكنك الاقتراض من البنوك إن لم يتوفر لك المـال ، ويضربون له الامثلة على فلان وابن فلان ، حتى يستمع إليهم ويشتري تلك السيارة الفارهـة ، وبعد فترة نجده يبكي والدموع تملأ عينـه وهو يقول ” الديون اغرقتني ، وحطمت حياتي ، والسبب الرفقاء ، ولو فكرة أخينا في شـراء سيارة تقوم بتوصيله من البيت لمكان العمل والعكس وقضاء حاجته وعلى الملبغ الذي لديه دون الإقتراض من البنوك ، تكون حياته أفضل بكثيـر ، وسيكون مرتاح البـال ، وفي سعادة وطمأنينه ، وحياتنا بهـا أحـداث كثيرة تدل على عواقب الاهتمام  المبالغ فيه بالآخرين وتقليدهم تقليد الأعمى لملابسهم ومقتنياتهم ، مع أنهم لن يُقـدموا لنا شيئـا ، فلمـاذا لا نعيش حياتنا بشخصيتنا الحقيقية دون طمسهما وإخفـائهـا والنظر لمن حولنا ،  فعلينا أن نرفـع رؤوسنـا عاليـا ، ونبزر أنفسنـا ونعتمد عليها ونتوكل على الله تعالى في تيسير أمور معيشتنا في هذه الدنيـا .

30 thoughts on “الحلقة (4) : لا تهتم بالآخرين … ولا تنظر إليهم”
  1. وعليكم السـلام مرحبا باختي نوف ..

    لا شكر على واجب .. سعيد بتعليقك والحمد لله أن الموضوع نال على إعجابكِ ، وساعد في شيء ولو بسيط بتحسين شخصيتك ..

    التعامل مع الناس اللي نلتقي معاهم أول مرة لازم نكون على طبيعتنا يعني ما نصطنع الشيء حتى نجذبهم صوبنا ..

    حاولي تكوني مبتسمة في الحوار وكوني مستمعة جيدة لا تكونين مُترددة وبادري بالحوار إذا لما يُبادروك … أنا أقدم ورش عمل لجهات حكومية وكل ورشة يكون فيها أشخاص جدد .. اتعرف عليهم وأناديهم بأسمائهم واجلس معهم في الاستراحة وآكل معهم واشاركهم في كل شي ..وفي نهاية الورشة اشعر وكأني اعرفهم من فترة طويلة .. ونتبادل الأرقام ونتواصل ..

    اهم شي كن شخصية طبيعية .. وكن أن المبادر وفكر في كل كلمة تقولها وتحدث بطريقة مناسبة تُعطي صورة جميلة لك ..

    وسبحان الله طبيعتك راح تخليهم يرتاحون لك ..

    اتمنى أن اكون وفقت في الطرح ..

  2. لو سمحت عندي مشكله وابيك تحلها ابي اعرف كيف اثق بنفسي ثقتي معدومه من ناحية اتخاذي للقرارات ومن ناحية شكلي والله تعبت

    كمان اتمنى اني ما اكون كثيرة المبالاة بغيري اخاف هذا يزعل وفلان يزعل وربي مو عارفه اعبر عن مشكلتي انا الحين لما احد يعطيني وجهه اكون نشبه اتمنى اكون ثقيلة ومايهمني رد علي او لا

  3. نفسي حد يساعدني انا بسمع كلام كثير يسم البدن من بيت حماي لما اكون جالسة عندهم يمدحون بحريم اولادهم الا انا ويحنون ويعطفو ع كل الاطفال الا اولادي مع اني مو مقصرة معهم

  4. مرحبا اخي
    لقد افادني شرحك جيدا لاني كنت اعاني من تلك المشكلة و لازلت اعاني منها مع الاسف مثلا عندما ارتدي ثيابا و اخرج انظر في عيني الناس و نظراتهم و اقوالهم عني و عن كل ما يخصني و ايضا اقول لماذا ينظر الي الناس هكذا؟ ما السبب هل هي ملابسي او تسريحتي؟ ماذا يقولون عني الان؟ و ارهق نفسي بالتفكير فهل لديك ما تساعدني به للتخلص من هذا المشكل؟

اترك رداً على بنت النور

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *