أيام قليلة ويرحل عنا شهر الخيرات شهر رمضان المبارك ونحن ندعوا الله تعالى أن يُعيده علينا السنة القادمة إن شاء الله تعالى ، فرمضان فهذه السنة اعتبره مختلفا عن السنوات الماضية ، ففي هذا الشهر لامست  مرحلة التغيير في كثير من الصائمين ، وكما تحدثنا في تدوينات سابقة عن التغيير هي مرحلة من المراحل المهمة في حياة الإنسان ، ويجب علينا أن يمر عليها إن أراد تطوير نفسه والتقدم في مجالات الحياة المختلفة ، وشهر الطاعات هو أفضل فرصة للتغيير وتحسين النفس البشرية ، وإزالة الشوائب وتنقية القلوب والصدور من كل ما هو سيء يؤدي إلى أفعال سيئة تؤثر على علاقة المسلم بربه أو علاقته بالآخرين ، فكيف لرمضان أن يكون لنا شهر للتغيير .

 

اختلف شهر الرحمة والغفران في هذه السنة أن  مستوى الوعي لدى المسلمين زاد بكثير مقارنة بالسنوات الماضية  ، فالمتابعين المسلسلات والبرامج الرمضانية لم يكونوا بالحماس لها كما كانوا فيما مضى ، فاليوم نحن نعيش في عالم الكتنولوجيا والتقدم ، فكل ما عليك إلا النقر على لوحة المفاتيح لتجد أغلب المسلسلات والبرامج مرفوعة على الانترنت أو معروضة للمشاهدة أون لاين ، وأيضا من خلال آراء البعض تبين لي أن ما عُرض على شاشات التلفاز لم يكن بالمستوى المطلوب ولم يصل إلى المستويات السابقة ، فكل تلك العوامل زادت من الوعي وجعلت الناس تركز بكثير على استغلال الأوقات في ذكر الرحمن وقراءة القرآن والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى دون تضييع الوقت والجهد في أمور يُمكن الحصول عليها لاحقا مقارنة بامور عظيمة وأوقات ثمينة ربما لو ضيعها المسلم لن تعود إليه من جديد .

كيف يكون شهر رمضـان شهر للتغيير ؟ وأجيب عليه من خلال سـؤالي مـاذا علمنا رمضـان ؟ أو ما هي التغيرات التي حدثت لنا مع بداية أول يوم في رمضان ؟ الإجابة ستكون في النقاط التالية :

1-      قراءة القرآن الكريم : فالإنسان المقصر في كتاب الله تعالى ، أجبره رمضان على أن يُكثر من قراءته ،وهذا يساعدنا على غرس أهمية كلام الله  وأهمية المداومة عليه دون تقصير أو إهمال ، فالقرآن الكريم ما هو إلا دستور لكل إنسان مسلم يحفظ له حقوق ويعلمه واجباته وأمور دينه ، فكيف للإنسـان المسلم التقصير فيه .

2-      صلة الأرحام : الأجمل ما في رمضان هو زيادة زيارات الناس لبعضهم البعض ، وهذا يساعد على تقوية صلة الأرحام وتذكر الكثير ممن الأصدقاء والزملاء الذين لم نتواصل معهم ، وربما كان  شهر الخير سبب في إصلاح كثير من العلاقات الاجتماعية والسبب صلة الأرحام ، ألم نسمع الحديث الشريف  عن أنس بن مالك_ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من سرهُ أن يبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثرة فليصل رحمه)) البخاري الفتح10(5986) ومسلم (2557)

3-      تهذيب النفس وحفظ اللسان : فالصائم حريص على أن لا يقع في الخطأ مع نفسه أو مع غيره فيكون أكثر هدوءا وقليل الإنفعال ويفكر في ما يقول ويفعل حتى لا يُفسد صيامه ، وأيضا يساعده على كبح جماح شهواته والسيطرة عليها بل حتى التغلب عليه مما يترتب على ذلك تكون شخصية مختلفة تغلبت على بعض السلبيات التي بها ، ونقت نفسها من الشوائب والصفات السيئة ، و عن ابي هريرة رضي الله عنه قال :صلى الله علية وسلم قال رسول الله قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به , و الصيام جنة, فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب , فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم , والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك , للصائم فرحتان يفرحهما:إذا أفطر فرح و إذا لقي ربه بصومه)) متفق عليه. و هذا لفظ رواية البخاري

4-      الإلتزام بالصلوات : فهناك كثير من المسلمين ، يتغيرون في رمضان ويصبحوا محافظين على الصلوات الخمس لدرجة أن البعض منهم لا تفوته تكبيرة الإحرام ، وهذا من الامور الجميلة التي نشهدها  في هذا الشهر الفضيل ، ومرحلة التغيير تتطلب منا الاستمرارية ، فيستمر الإلتزام لما بعض رمضان ، وليس مثل البعض مع انتهاء الشهر ، ينخفض مستواه الإيمان ، ويفوت الصلوات أو يتأخر عنها ، فهذا الشهر غرس في نفوسنا امورا كثيرا ومن بعده يجب علينا أن نستمر على ما كنا عليه دون تخاذل أو تكاسل .

 أخيرا أجد أن اهتمام المسلمين بتقوية علاقتهم بربهم تزداد في هذا الشهر مقارنة ببقية الأشهر ، فالعبادات والطاعات تزداد ، وينخفض مستوى اللامبالاة والتكاسل ، وكل ذلك ابتغاء مرضات الله تعالى ، فما المانع في الاستمرار على ما كنا عليه في رمضان ، وما الاسباب التي تجعلنا نبتعد عن الله بعد هذا الشهر ، وتأتي الدينا وملذاتها لتُلهينا عن الخيرات والطاعات ، ألم نتغلب ونحقق النجاحات في شهر واحد ، فالنجاح الحقيقي أن نبدأ بالتغيير أنفسنا وأن تستمر نجاحاتنا لما بعد رمضـان ، وحتى من قصر في رمضان فهو درس يجب أن يفهمه جيدا ، وربما كانت الفرصة موجودة في رمضان آخر فنعالج تقصيرنا بعد رمضان بأن نتقرب للخالق المنان ونجعل حياتنا كلها رمضان ، فرمضان شهر للتغيير والتحسين ، فانظر لنفسك وعالجها قبل أن ينقضي شهر الرحمة والغفران ، وتذكر أن ما فات ذهب وانتهى وعليك باليوم والعمل للمستقبل حتى بعد رمضان حتى تكون على الطريق الصحيح ، فلا تجعل رمضان يمر مرور الكرام .

مـاذا غير فيكم رمضــان ؟؟