الخطر القادم

كان في السـابق كالحمل الوديع نعطيه جزء بسيط من أوقاتنا لأنه بالنسبة لنا أداة للتسلية وقضاء الوقت ، ومع مرور السنوات مع رياح التغيير أصبح سلاحا خفيا غزى كل المنازل والبيوت ، ولم نُبالي بذلك لأننا كنا نعتقد أننا المُسيطرون على الوضع والمتحكمون في الأمور ولا يُمكن لهذا السلاح أن يؤثر فينا إلا إذا تركنا الحبل على الغارب ، وفي غمرة ثقتنا الزائدة بأنفسنا بدأ في التحرك والتأثير الخفي  ، حتى أصبحنا مُدمنين عليه ومُهتمين بتفاصيله الصغيرة قبل الكبيرة بل وصل لدرجة أنه بدأ بالتدخل في حياتنا وشخصياتنا وطريقة تعاملاتنا مع الآخرين وبسبب ذلك بدأت النزاعات بين أفراد العائلة  وتسبب في انحراف اجيال المستقبل عن المسـار الصحيح ، مستغربين من ذلك التغيير السلبي الذي حدث دون أن نجد تفسيرا بالرغم من أن المُسبب موجود أمامنا وهو مبتسم ينظر لنا وننظر إليه دون أن ندرى نواياه السيئة تجاهنا .

التلفاز

كنت أعتقد أن المسلسلات بأنواعها والتي تعرض على القنوات الفضائية لن تؤثر في الفرد إلا إذا فتح لها المجال في التأثير ، ولكن اعتقادي هذا تغير بعد رمضان الماضي لأنني فعلا شعرت بخطورة ما يُعرض وخاصة المسلسلات الخليجية بالأخص لأنها خليجية فيجب عليها أن تحمل إلينا رسـالة سامية وإيجابية مُفيدة تكون مؤثرة ذلك التأثير الإيجابي في نفوسنا بدلا من تخريب أبنائنا وبناتنا وطمس شخصياتهم وتغييرها ، والسبب يعود لعدم وجود رسالة وهدف لما يُعرض مجرد الإثارة والتشويق من أجل جذب أكبر عدد من المُشاهدين والمتابعين ( بصريح العبارة الكسب المادي ) ضاربين بالمبادئ السامية بعرض الحائط ، ومُتناسين أن الفئات العمرية المتابعة مُختلفة ومنها من يتأثر بما يُشاهده ويسمعه ، والأكبر من ذلك عندما يقومون بالمحاولة في إخراج مسلسل جديد يحمل رسالة مفيدة أن يضعوا فيه بعض البهارات التي لا داعي لها ولن تؤثر في حالة عدم وجودها .

المشكلة الأساسية في ما يتعلق في المسلسلات هي أنهم يحاولون تغيير مبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها منذ الولادة ،  كمثال أن تتزوج الفتاة الشخص التي تُحبه أو أن يكون الزواج بعد علاقة حب ، أو شاب حياته في المسلسل تكوين علاقات غير شرعية ، أو بعض الجرائم القتل بسبب اختلافات بسيطة بين الأخ وأخيه أو الصديقين لأسباب جدا تافه ، ربما لا ننكر وجود  قليل من هذه الحالات ، ولكن لا نحتاج إلى أن نُبالغ فيها كثيرا ونُظهرها بصورة تجعل المُشـاهد يُكون فكرة سيئة عن مجتمعاتنا ، والأولى من ذلك أن نُعطي صورة إيجابية وجميلة ولو فيها قليل من السلبية والتي هي موجودة وبشكل متفاوت ، وسـؤالي الصريح والموجه إلى منتجي تلك المُسلسلات  ، ما هـي الرسـالة التي ترغبون أن توصلوها للمشـاهد .؟ واذكركم بالتأثير وردة الفعل التي حصلت بعد عرض أول المسلسلات التركية ” مهند ” وغيرها ، فما بالكم عندما تكون تلك المسلسلات خليجية أو عربية .

أخـيرا فالمُقدمة في الموضوع لم تكن لُغزا بل كنت أتحدث أن أهم عنصر في تأثير البرامج والمُسلسلات المنتشرة بيننا ألا وهو التلفاز الذي كان سببا في تغيير كثير من الناس بسبب إدمانهم عليه ، فهو السلاح الفتاك الذي يُوجه إلينا ولا يُمكننا رفضه وطرده إلا بقوة العزيمة ، فمن بيننا يُفكر في الانعزال عن العالم الخارجي والعيش في بيئة مُغلقة ، بل إن هذا السـلاح يُمكن أن نتحاور معه ونعقد الاتفاقيات اللازمة من أجل تحويله إلى أداة ووسيلة مُفيدة  ولكنك ستقع في حرب أخرى مع النفس الأمارة بالسـوء والتغلب عليها من أجل عدم الانجراف للغزو الإعلامي عبر القنوات الفضائية وخاصة في شهر رمضان الذي يكون الغزو في قوته لدرجة أن البعض إن لم تكن الأغلبية تسهر الليالي من أجل متابعته مقصرة في فروضها وواجباتها الدينية ، وعلينا أن نكون مستعدين لمواجهته والتصدي له حتى لا يؤثر على عقولنا وعقولنا أبنائنا وبناتنا لأن ذلك سيؤثر عليهم مستقبلا في كثير من أمور الحياة ، ويجب علينا أن نطبق قاعدة الوقاية خير من العلاج ، فبالرغم من سلبياته لكنه يحتوي على الكثير من البرامج الهادفة والمفيدة ، وهنا علينا أن نصب اهتمامنا في هذا الجانب بشكل أكثر من اهتمامنا بالجانب المُظلم منه والمُتمثل في مسلسلات وبرامج لا تحصد منها إلا الثمـار الفاسدة لأنها بعيده كل البعد على واقع مجتمعاتنا ، فاحذروا كل الحذر لأنه الخطر القــادم .

6 thoughts on “الخطر القادم … !!”

اترك رداً على أوائل الجزيرة

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *