34096-4

خلقنا الله تعالى في هذه الدنيا درجات ، فهناك الشقي والسعيد ، وهناك الغني والفقير ، وهناك ذا المنصب الكبير وهناك ذا المنصب البسيط أو الصغير وكل ذلك لحكمة أرادها الله تعالى أن يبينهــا للنـاس ، حيث قال تعالى في كتابه : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } الأنعام الآية : 165 ، فنعلم جميعا أننا في امتحـان من الله تعالى يختبرنا فيما بين أيدينا من النعم التي أعطانا إياها ، وكل إنسان سيُحاسب عليها ، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(( لا تزول قدم بن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم )) رواه الترمذي .

 في وقتنا الحالي نُعاني من غفلة الناس ونسيانهم لما أمرنا الله به ، بل إنهـم نسـوا قول الله تعالى ((يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )) سورة محمد الآية 38 ، فنجد من بعض أصحاب الأموال إن لم يكن الأغلب التعالي والتكبر بما أنعم الله عليهم ، وفوق ذلك ينظرون للأعلى دائما ولا ينظرون لمن هم أسفل منهم ، فهناك الإنسـان الفقير والعوائل المُحتاجة التي تتألم من الجــوع وتعيش المعاناة كل يـوم ، ولا احد يعلم بهم وسط غفلة ذوي الطبقة الغنية عنهم والتكبر عليهم والتقصير في الوقوف معهم ، بل إنهم نسـوا أنهم كانـوا في يوم من الأيام فقراء ومُحتاجين ، فأنعم الله عليهم وغير حالهم لما هو أفضل ، والله القادر على كل شي أن يُرجعهم فقراء ويجعل جيرانهم الفقراء أغنياء .

 لهـذا فمن أهم الأمور والواجبات التي يجب على الغني أن يقوم بها هي الوقوف مع كل فقير والتبرع له بما يملك ، فالمسلم أخو المسلم ، وفي عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من القصص التي نتعلم منها كيف قام أحد الصحابة بإعطاء أخاه المسلم نصف ماله وطلق زوجته الثاني ليتزوجها الآخر ، فكلنا محتاجون لبعضنا البعض ، فاليوم أقف مع المسلم وغدا أجده يقف معي ، بل على الغني الانتباه حين يتصدق بماله ، حيث قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )) البقرة 264 ‏ ، أي علينا التصـدق من دون أن نـؤذي الفقير بالمن والأذى ، فالبعض يـؤذي المُحتاجين بما تبرع به ، وهذه الصدقة ليس لنا بها حاجة ، بل إنها تبطل كما ذكر الله تعالى في كتابه ، فعلينا جميعا أيهـا الأغنياء ، أن نقف يدا واحد مع إخواننا الفقراء ودفع الأذى عنهم وقضـاء حوائجهم وتوفير الراحة والاستقرار ، وكل ذلك أجره عند رب العالمين .وأخيـرا ، إن الأموال التي بين يدينا فهـي تذهب وتعــود ، واليوم يكون لديك مال وربما غدا لن تجد مالا ، فعلينا استغلال تلك الأموال فيما يُرضي الله تعالى عنـا فأبواب الخير مفتوحـة ، والجمعيات الخيرية ترحب بكل ما تجود به أنفسهم ، وكما قيل لو أن كل غني تبرع بما لديه لما وجدنا فقيرا بيننا ، فنُعلنا الآن ولنتصدق بهدف الأجر والثواب من الله تعالى ، وتنفيس كربات الفقراء والمُحتاجين ، فمن كانت رجله في الماء البارد لن يشعر بمن رجله في الماء الحار ، والفقير ما هو إلا إنسـان مثلنا بل هو أخ لنا في الإسلام علينا أن نقف معه ونرسم البسمة في وجهه ونُعالج آلامه بما نملكه ، وما أجملها من لحظات وأعمال خيـرة أجرها على الله تعالى ، فالله الله في إخوانكم الفقراء أيها الأغنياء ، فمن يدري اليوم أنت غــني ، وغدا تكون من الفقراء ، فسارع في الخيرات قبل فوات الأوان .عبيد الكعبي

Comments are closed.