الحمد لله رب العــالمين ، والصــلاة والسـلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أما بعــد ::

من الأمـور الجميلة في تحقيق النجاح ، أن يكون لدى الإنسـان المقدرة على تحويل السلبيات إلى إيجابيات ، وهذه الميزة هي إحدى ميزات الناجحين في مواجهة عقبات الطريق ، وليس هناك إنسـان لم يسلم من النقد بنوعيه الحاد والبناء ، فالبعض يتأثر سلبا فيسقط ، والبعض الآخر يتأثر إيجابا ، فيحول تلك الإنتقادات إلى دافع له في الاستمرارية وتقديم المزيد ، والمشكلة تكمن لنظرتنا لتلك الانتقـادات ، فلو نظرنا لما يصل إلينا من جانب واحـد ، لتضـايقنا وتوقفنا عن العمل وبذل الجهـد والتعب من أجل تحقيق أهـدافنـا ، بينما لو كانت نظرتنـا واسعـة لوجدنا أنفسنـا قد جعلنا تلك الانتقـادات سببا في نجـاحنــا ، فالطـالب الذي يتكرر رسـوبه في المدرسة ، لو كانت نظرته لكلمة فـاشل أو راسب نظرة سلبية محدودة ، لاعترف بأنـه فاشل ، ولماتت الدوافع والإمكانيات التي بداخلـه ، وعندما تواجهه أبسط الامور تأتي كلمة فاشل في البداية فيتردد ويتراجع ، ولو كان العكس وكانت نظرته إيجابية للكلمة ، لكانت إحدى أسباب نجاحـه ، لأنه سيطرح على نفسه بعض التسـاؤلات مثل ” ماذا ينقصني ؟ ، وما هو الفرق بيني وبين الناجح ” وبعدما يجيب على تلك الاسئـلة يجد أن الفارق بسيط جـد بينه وبين الناجحين ، والفرق ان هناك من يتعب ويبذل الجهد فينجح وهناك من ينام ويتكاسل ويرسب .

إن تحويل السلبيات لإيجابيات ، تُعين الانسـان على مواجهـة مطبات الحيـاة ، لأنه في كل سلبية تواجهه يُمكنه اكتسـاب المهارات وتطوير نفسه بطريقته في تحويلها لصالحـه ، والامـر شبيـه بالمبـاراة ، فعندما يتعرض الفريق الآخر للطرد تظهر مهارات المدرب في استغلال تلك السلبية لصالحه لتكون إيجابية فيقلب النتيجة ويحقق الانتصار ، وفي حالة عدم استغلاله لهـا ، سيكون فـاشل في ذلك الجانب ، فهل مستعد لمواجهـة السلبيات مهما كانت وتحولها لصـالحك وبمـا يفيدك في تحقيق النجاحات واعتلاء القيمم والظفر بالمراكز الاولى ؟ إذا كان كذلك ، ففكر في كيف تتعامل مع تلك السلبيات ، فلا يمكن أن نواجه جميع السلبيات باسلوب واحد ، فربما لا ينجح الاسلوب مما يؤثر عليك بالسلب بدلا من الإيجاب ، ومن الامثـلة لذلك الاختلاط ، فهو سلبية في مجتمعاتنا ، وشـر لابد منـه ، وترفضـه كثير من العائلات ، لكن كيف نتعامل مع هذه السلبية للاستفادة منهـا ، فالانسـان الذي يفكر في النجاح يدخل للاختلاط وعينه على تحقيق كمية كبيرة من الفائدة والاحكتاك بالآخرين وبأفكارهم وطرق تفكيرهم ، لهـذا تكون نظرته دائما للامور التي تُكسبه خبرة الحياة وتؤهله ليكون من الناجحين ، أما من سيدخل وعينه على تلك الفتاة ، وماذا تلبس ؟ وكيف تمشي وغيرها ، سيخرج بالفشل والإنحراف لأمور غير أخلاقية تؤدي به ليكون حبيسا لنظرات الأحتقـار من الآخرين له والكراهيـة ، وكيف سبب في توقفه عن العمل من أجل النجاح .

 

في هذه الدنيا سنجد الأمور الحسنة والأمـور السيئة ، ويعتمد على كل شخص في هذه الحياة ، فمن أراد الخيـر وجـده ، ومن أراد الشـر أيضا وجده ، والفـوائد تكثر كما أن الفواسد منتشرة بكثرة ، فعلينا كناجحين أو طامحين للنجاح أن نأخذ كل مُفيد ونترك البـاقي دون النظر إليـه لأنه لن يقدم لنا إلا الفسـاد والخراب ، واذكر ذات مرة كٌنت اعود من المدرسة بالحـافلة ، وكانت نوعية بعض الطلبة المتواجدين فيـها في طريق عودتي ذوي أخلاق سيئة من تصرفات وأفعال غير لائـقه ، وفي إحدى الايـام وفي وقت نزولهم ، صـدمت إحدى سيارات الأجرة زميلا لهم ، فمـا كان منهم إلا أن اجتمعــوا عليه وأخـذوه إلى المشـفى دون الإهتمام بالأهل أو بموعد الغـداء أو النوم ، بالرغم من أنهم ذوي أخـلاق سيئـة إلا أن التصـرف الذي قـاموا به جعلني اتعلم منهم واستفيـد من الموقف ، فكانت قلوبهم رقيقة على زميلهم وتعاونوا على تقديم المسـاعدة له وإيصاله إلى أقرب المستشفيات في تصرف أخـلاقي رائــع ، هذا مثـال عندما نتواجد في أماكن نظن أننا لن نجد منها الفـائدة ، ولكننا نكتشف العكس بأن الفوائد متواجدة فعلينا بانتهـاز الفرصة والتعلم مما نراه ونُشـاهده .

واخيـرا ، إن الفـائدة الكبيرة من تحويل السلبيات إلى إيجابيات تساعد على إكسـاب الشخص مهارة التعلم والاستفادة من جميع الامور التي تحدث حوله ، وتُعينه على تحويلها لوسائل تُسـاعده على تحقيق ما يحلم بــه ، بل إن التأثر بتلك الامور بشكل سلبي يؤدي إلى انهيـار شخصية الانسـان ، وعدم قدرته على الحركة ، لأن كل ما يصله بدلا من أن يكون دافعا قويا له يكون أداة هدف وتحطيم ، فعليه أن يكون ذو سعـة يتقبل كل شـي دون أن يؤثر عليه بما يضره ويضر مستقبله ، والقصـة التـالية هي خير مثـال على ذلك ، حيث جاءت إمرأة في مقتبل العمر إلى المحكمة تطلب الطـلاق من زوجهــا ، فأعطاها القـاضيا ورقة بيـضاء وقلم ، لكي تكتب أسبـاب الطـلاق ، فكتبت الزوجة أن زوجها يضربهـا وأنـه بخـيل ، فاستغرب القـاضي من ذلك وسألها هل فقط لهذه الأسـباب تطلبين الطـلاق ، فردت بالإيجـاب ، بعدها قام القـاضي وناول المرأة ورقة بيـضاء وطلب منها كتابة إيجـابيات زوجهــا ، ففكرت وأعـادت الورقة كمـا هـي ، واستغرب القـاضي وسألها فقالت لم أجد إيـجابية واحد في زوجهــا ، فأخذ القـاضي بالحـديث معها عن زوجها ومن متى تزوجـا وأين يعمل ، ومتى يعود ، فذكرت الزوجة أنه عندما يعود من العمل يكون مزعجا حيث يلعب مع أبنـائه ، فطلب القـاضي منها أن تكتب ذلك كإيجـابية ، واستمرت الزوجة في الحـديث ، وذكرت أن كل صيف يذهب بهم للسيـاحة في دولة آخرى ، فطلب القـاضي أن تكتب ذلك كإيجـابية للزوج ، وبعد فترة ، وجدت الزوجة أن هناك أكثر من خمسة عشـر إيـجابية للزوج مقابل سلبيتين فقط همـا أسبـاب الطـلاق ، فنصحها القـاضي أن البخل والضرب يُمكن علاجهما بغير الطـلاق ولكن زوجها لديه إيجابيات كثيرة ويُمكن العيش معه ، فغادرت المرأة المحكمة ولم ترجع بعدهــا .

حــول السلبيات للإيجـابيات …. وانظر للإيجابيات دائما ولا تنظر فقط للسلبيات ..

Comments are closed.