12_1246278839 

الحمد لله رب العالمين ، وصلاة والسـلام على رسـول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد ..عندما يبدأ الإنـسـان الثـقة في ربـه ، ويكون بداخله يقينا تاما بأن الله سبحانه وتعالى لن يضيـعه وأنه يـراه ويُراقبه ، فيبدأ العمل يومه براحة نفسية واستقرار اسري واجتماعي ، بسبب تلك الثـقة التي بينه وبين خالقه ، فعليه بعدها أن لا يخـشى النـاس مهما كانت أشكالهم وألوانهم ، لأنه أول ما بدأ في خطوات نجاحه هي الثـقة بالله وهذه الثقة يجب أن يتبعها عدم الخـوف من الآخرين وخاصة عندما نكون على حـق ، وهذه هي حلقتنا الثـانية في طريقنا للقمة ، ما دمنا على حق فعلينا عدم الخوف من أحـد ، وهي مشكلة نُعـاني منهــا وخاصة تلك القلوب المُترددة ، فهي تمر بمواقف في حياتها ونجد أنها على حـق لكنها تتردد وتخشى الحديث عن ذلك ، والسبب خوفا من إثارة المشـاكل وخوفا من إحداث خلل في الاستقرار العائلي أو الوظيفي أو حتى الإجتماعي ، والله سبحانه وتعالى أمرنـا بكلمة الحـق ، ورسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه كان لنا المثل الأعلى في عدم الخوف من الآخرين في قول كلمة الحـق ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ، دليل واضح على ذلك ، والساكت عن الحق شيطانُ أخـرس .

 عندما نرتكب خطأ في حياتنا أو نـقوم بالسـرقة ، فيكون ذلك الشخص في خوف دائم من الإنكشـاف ، وحالة نفسية من تلعثم في الكلام ، وعندما يقترب الآخرين من كشـفه ينظر للأسـفل ويُغمض عينـه ، وتكون حياته هموم وغمـوم وكوابيس وأحلام مزعجة ، بل نجد أن حياته غير مُستقــرة ، بالمقـارنة مع الإنسـان الناجح الذي نجد رأسه دائما مرفوعــا للأعـلى ، ويمشـي باعتدال دون الخوف من الآخرين لأنه يعلم أنه على حـق ، وإن اجتمع الجميع عليـه فلن يستطيعوا غلبته وهزيمته لأن الله يقف معه ، واذكر لكم قصـة إحدى الفتيات التي كانت تشتكي لي من رقم غريب يأتيها يعرف عنها ويعرف أين تذهب حسب كلام الاخت ، وتقول لي أنها خائفـة جدا من هذا الشخص ، لأنه يعرف كل شي عنهـا وأنه  يتصل بها ويُخبرها أين كانت ، وهي خـائفة جـدا ، فقلت لها   ولمـاذا الخـوف ؟  هل قمتي بعمل خـاطئ يجعلكِ تخـافين منه ، وانتي تُقسمين أنكِ لا تعريفينه ، فكان جوابها أنها تخشى أن يصل الامر لعائلتها ، فقمت بالرد عليها : ما دمتي على حق ولم تعملي شيئا خاطئا ، فلا داعي لكل ذلك الخوف فالله فوقكِ حاميكِ ، وطلبت منها إخبار أحدا قريب لها من أخواتها أو إخوانها ، فخافت أكثر ، وسبب كل ذلك ربما يقول الشخص حديثا عني لدى اخوتي فيُصـدقوه ، فأصبح في مُصيبة كبيرة مع أهلي وانعـدام الثـقة  ، هكذا كان حال هذه الفتاة رغم أنها تـؤمن بالله سبحانه وتعالى لكنها خشيت النـاس أكثر من خوفها من رب العباد في الموقف السـابق ، فأين الثقة بالله تعالى وأين  عدم الخوف من الآخرين ما دمنا على حق .

 

واذكر لكم قصـة شاب ، تم اتهامه اتهاما باطلا بأنه قال كلاما غير لائقا لعمــه ، رغم أنه لم يتلفظ بذلك ، وعندما تمت مواجهته والحوار معه ، لدرجة أن أحدهم قال وهل عمك يكذب فيما اتهمك فيه ، إلا أنه وقف قويا أمامها ودعا الله تعالى أن يُبين الحـق ويُبطل البـاطل ، وما هي إلا دقائق  وبعد صـلاة العشـاء ، إلا وظهر الحـق وانكشفت الأمـور ، بان الشـاب كان على حـق ، لهــذا عندما نتحـدث بكلمة الحــق فيجب أن تكون لدنيـا القـوة والشجـاعة لمـواجهة الآخرين والذين يظنون أننا مُخطئون ، فالتمسك بالحـق والصـبر عليه دون التأثر بحديثهم ، يجعلنا في جانب قـوي جـدا لأن الله معنـا ومع أصحاب الحـقوق الذين لا يخـافون في الله  لومة لائم ، وسيظهر الحـق وإن طـال ، ومثــال آخـر  من السيـرة النبـوية الشـريفة ، وموقفـه صـلى الله عليه وســلم مع الكفــار والمشركين عندما كان يدعــوهم للإســلام ، هل قرأنا أو سمعنــا أن الرسـول صلى الله عليه وسلم خــاف منهم أثناء دعوته ، بل نجـده صلى الله عليه وسلم دائمــا الدعوة للإســلام ، بينمــا في الجهة المقابلة نجد الكفـار يتهمون بالكذب والسحر ، وانه شاعر ، وغيرها من الاتهامات ، وهذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان على حــق والمشركين على بـــاطل .

 

من هنا نتعلم كيف نواجه الآخرين إن كُنا على حق الحـق ، فالإنسـان الخـائف والمُتردد يجعل الشكوك والنظرات الغريبة تحـوم حوله وهذا دليل على أنه قـام بفعل خـاطئ يجعل حالته هـكذا ، فكيف بالإنسـان الناجح أن يكون بهـذا الشكل ، أليس من الأفضل ان يكون ممن لا يخـافون الآخـرين ، ودائمـا خـوفهم وخشيتهم خـالق الأرض والسموات ،  فما دمت على حـق فلا تخف من أحــد .

Comments are closed.