انتهى شهـر الخير ، شهر رمضـان المبارك ، وفاز من فاز وخسـر من ضيع الخير في شهر الرحمة والغفران ، ولكن هناك دروس قدمت لنا في رمضـان وما زالت مستمرة حتى الآن وهي دروس للجميع ، بل إن اغلب تلك الدروس تنحدر تحت كلمة ” النجاح ” ، لأننا لو نظرنا جيدا لحالنا في رمضـان لاكتشفنا أننا أنجزنــا أمـورا كثيرة تجعلنا في قائمة الناجحين ، بل حتى الفئة التي تنظر إلى نفسها أنها فاشلة نجحت في تحقيق النجاحات في شهـر واحد فقط ، وهـذا هو الإنجاز بعينه ، فمن يُمكنه تحقيق الأهداف خلال فترة وجيزة ، إذا كل إنسـان لديه إمكانيات مخفية في داخله وبحاجة لمن يُظهرها .

النجاح وما أدراكم ما النجاح ، كلمة يسعى إليها الكثيرون من الناس ، فهناك فئة تتعب من أجل تحقيقها والوصول إليها ، وفئة أخرى تحلم بتحقيقها دون بذل جهد بسيط ، وشتان بين الفئتين ، فنظرة الأولى هي التخطيط يتبعه العمل بينما الأخرى تخطيط يتبعه الكلام ومن ثم التسويف ومن بعدها التصعيب ، حتى يتحول النجاح لحلم يتكرر كل يوم في نومهم ، فتحقيق الهدف وشعور الإنسان بأنه نجح واجتاز الصعاب يكون بدليل ملموس ومحسوس ، فلا يمكن للطالب أن ينجح في الدراسة دون وجود بطاقة الدرجات التي تثبت نجاحه ، والمهندس المعماري لا يُمكنه النجاح دون وجود البنايات ، ولكن كيف هو حال الفاشلين ، الذي يرون أنفسهم فاشلين فلا يُحركون ساكنا ليقينهم أنهم من فئة الفاشلة التي لا يُمكنها الإنجاز أو تقديم الشيء البسيط ، وهؤلاء نقول لهم …. رمضـان كريم .

نعم رمضـان كريم ، لأن رمضان شهر الخيرات وبه الكثير من الدروس والعبر التي نغفل عنها كثيرا ، بل هو خير مثال على النجاحات التي تتحقق من قبل الفاشلين ، فشهر الصوم كان خير دليل على أننا كُنا ناجحين في امور كثيرة ، فالإنسان نجح في إمساك نفسه عن شهوة الطعام والشراب وتحمل ذلك من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس ، وأيضا قيام الليل فالصائم قام الليل يصلي ويتعبد الله سبحانه وتعالى وترك لذة النوم وكل ذلك من أجل تحقيق هدف الصوم والعبادة ، بالإضافة إلى تلك الأمور فقد استطاع ختم القرآن الكريم أكثر من مرة ، وهذا يُعتبر نجاح ، هل رأيتم كيف حققنا النجاحات في رمضـان ، وخاصة الفاشلين الذين يظنون أنه لا يُمكن لهم تحقيق أي نجاح ، وأنهم فعلا فاشلين ، المدخن الفاشل ترك التدخين خلال شهر رمضـان ، الفاشل كثير السهر التزم قيام الليل والفاشل الذي لم يقرأ كتابا واحدا فقد قرأ القرآن الكريم كاملا خلال شهر واحد .

إذا بعد تلك الأهداف التي تحققت بعد شهر كامل ، نتفق على أنه لا يوجد فاشل بيننا ، ويجب علينا حذف هذه الكلمة من القواميس ، والبدء في صفحة جديدة للانطلاق بكل ثقة وعدم تردد على طريق النجاح ، لأن النظرة السلبية للفاشل دون التفكير في عدد الخطوات التي استطاع أن يتخطاها تجعله يشعر بأنه لم يحقق شي ، والحياة مليئة بأمثلة النجاح لو تمعنا في النظر جيدا ، والمهم في ذلك كله هو أن نستمر في تلك النجاحات ولا نكتفي بشهـر واحد وبعده نعود لحالة الفشل وتتغلب علينا أنفسنا فنترك القراءة ونعود للتدخين الإدماني ، وغيره من العادات السيئة التي استطعنا خلال شهر أن نتركهـا ونبتعد عنها ، فهل مستعدون للنجاح من جديد خلال الأشهر القـادمة .

Comments are closed.