تتواجد بيننا ولا يُمكن أن تبتعد أو تتركنا ، فإينما تعاملنا وتحدثنا فهي موجودة ومنتشرة رغما عنا ، فهي فطرة تتواجد منذ ولادتنا ، فإما أن تبقى وتُعزز من خلال بيئاتنا الخارجية ، وإما أن تتغير وتختفي بالمؤثرات السلبية ، هي صفة بل ربما تصل لعادة بين الشعوب والقبائل الأخرى ، فهي تظهر في الكلمات المنطوقة أو الأفعال المحسوسة ، وعندما تُبالغ فيها تصل لمرحلة العادات والتقاليد  ، وما أجملها في تلك المرحلة لأن كل شخص سيعيشها سيضرب بمن يقوم بها الأمثال ويُعطي صورة جميلة ، ولما لا وهي الصفة التي ذكرت في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وفي سيرة الصحابة رضوان الله عليهم ،  فلكم مني كل الاحترام والتقدير ، نعم الاحترام والتقدير هي تلك الصفة السامية .

إن صفة الاحترام ما هي إلا قيمة حميدة يجب أن تكون موجود في البشرية أجمع ، بل نستطيع القول أنها ميزة أيضا يتميز فيها الإنسان عن الآخر على حسب جوانب الحياة ، فالاحترام موجود ومنتشر في مراحل حياتنا مثل انتشار الهواء ، ولكنها تختلف على حسب توجهات وعقليات البشر ، فهناك من يحترم شيئا معينا وآخر لا يحترمه أو ينظر إليه من جانب آخر مختلف عن الجانب الذي ينظر به الآخرين ، وقد علمنا ديننا الحنيف أهمية الاحترام والتقدير ، وذكره في القرآن الكريم حيث قال عز وجل : ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا))  ، وهنا صورة  من صور الاحترام ألا وهي احترام الوالدين وبرهما ، وصور كثيرة ذكرها القرآن الكريم ، منها احترام الذات ، احترام المرأة ، احترام غيرالمُسلمين ..إلخ من صور الاحترام .

أهمية الاحترام تكمن في تعاملاتنا مع الآخرين صغيرا كان أو كبيرا ، فقيرا أو غنيا ، مديرا أو عامل نظافة ، فكل أنواع البشر بمناصبهم وحالاتهم الإجتماعية يستحقون الاحترام والتقدير ، بل مفعول تطبيق تلك الصفة يترتب عليه نتائج  إيجابية كبيرة ، ولكم أن تتخيلوا الاحترام المتبادل بين الدول ، واحترام الحدود وغيرها من أنواع الاحترام الدولي ، وفي حالة فقدان تلك الميزة عند أحدنا ، لكانت لنا صورة سيئة عن ذلك الشخص وكما يُقال ( من لا يحترم لا يُحترم ) ، لأن الصفة والميزة يُمكن الشعور بها من خلال الأفعال والكلمات ، وعندما يكون الشخص لا يملك الاحترام ، فسيظهر ذلك في تعاملاته مع الآخرين دون المُبالاة بأحد أو مراعاة لمشاعر الآخرين ، والحديث عن الاحترام يطول كثيرا وأهميته جمعينا يشعر بها في حياته ، ولكن دعونا نتطرق لصور الاحترام وكيف لنا أن نحقق النتائج الإيجابية لو فعلا استخدمناه بالطريقة الصحيحة وفي الوقت المناسب .

احترامنا للخدم والعمال ، لا اخفيكم أنني كتبت الموضوع عن الاحترام بسبب ما أره من تعاملات جافية وقلة احترام وتقدير مع الخدمة  والعمال ، لأننا نفتقد الاحترام معهم في مواقف كثيرة ، فمثلا لو  حصلت مشكلة بينك وبين خادم ، هل يُمكن أن تحل المسألة بكل احترام وتقدير للطرف الآخر وتقوم بعملية الحوار والنقاشه معه  بدلا من الكلمات السيئة التي تُلقيها أو فرض كلمتك عليه دون إعطاء فرصة للتحاور بالرغم من أنه يقوم بأعمال أنت نفسك غير قادر عليها ، بل يصل الأمر أنه أفضل منك بكثيير ، فهناك خدم  في عملي كلما مررت بهم يلقون السلام عليي  من بعيد أو من قريب ، بينما الموظف الذي يعمل بجانبي يأتي ويجلس دون أن يقول السلام عليكم ، وفوق هذا أمرنا الإسلام باحترامهم ومراعاتهم ، لأنهم سبب في التخفيف علينا من الكثير من  الأعمال المنزلية ،بل إنهم تركوا عوائلهم وتغربوا من أجل لقمة العيش ، وهم بشر مثلنا وليسوا ألواحا خشيبه لا تملك أي مشاعر وأحاسيس ،  ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال نضربه به في هذا الموضوع ، فاحترامه شمل الجميع دون تفريق حتى مع الكافرين والمنافقين ، فلماذا نحن لا نقدرهم ونحترم تواجدهم بيننا ، ربما كنا سببا في دخول الخدم الغير مُسلمين إلى الإسلام بسبب الاحترام والتقدير الذي يجدونه من قبلنا .

صورة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها ، تتمثل في احترام الآباء للأبناء ، ربما يستغرب البعض من ذلك ، ولكني أكررها لكم احترام الأبناء وتقديرهم ، لأننا عندما نطبق مفهوم الاحترام المتبادل بين الطرفين ( الأب والأام ) مقابل ( الابن والابنة ) يُمكننا من بناء شخصية رائعة في الطفل أو الطفلة ، لأن التعامل معهم باحترام يزيد الثقة في أنفسهم ، ويبعد عنهم الخوف والرعب من الوالد ، بل يقوي العلاقة الأسرية أكثر وأكثر ، فالأب يحترم قرارات ابنه ويقدرها بل يتحاور معه لو كانت خاطئة بشكل ودي ومن دون رسميات ، بذلك يجد الطفل أن والده نزل لمستواه العقلي والفكري  مما يؤدي إلى انفتاح قلبه لوالده والذي سيكون بمثابة الصديق له ، وسيكون موجودا له عندما يحتاج إليه ، كل ذلك يحدث لأن الوالدين احترما ابنيهما ، واذكر قصة أب دخل ليلا إلى البيت وسمع صوت ابنه يناديه ، وعندما دخل وسأل ما به ، كان الأبن خائف جدا قوال لابيه أن هناك شبح أو ( جني ) يقف في تلك البقعة من الغرفة ، الأب استغرب وسأل ابنه أين ذلك الشبح وكيف تراه ، فما كان من الاب أن نزل إلى مستوى ابنه ويرى اصبعه يؤشر إلى بعقة الشبح ، ليكتشف أن الموجود هناك ما ساعة حائط ، نعم يا أخواني وأخواتي هذا هو احترام تفكير الابن ، فمن منظوره كان هناك شبح ونظرته لجانب معين ، وتعامل الأب بطريقة راقية معه ، بينما لو كان أب آخر ، لضحك امام الطفل وسخر منه بأن الشبح ما هو إلا ساعة ليقلل بذلك ثقة الأبن بابيه .

أخيرا ، إن فقدان الاحترام وعدم التقدير يولد مشاعر سلبيه بين جميع الأطراف ، وينتج عنه الخلافات والمنازعات وقطع الأرحام والتفريق بين الأخوان ، وجميعا سمعنا بقصص الخلافات الاسرية ، مثل الأخ الذي لم يزر أخيه منذ سنوات ، أو تلك الزوجة التي كانت سببا في هدم وتحطيم حياتها الزوجية بسبب قلة احترامها وكذلك العكس ، مجرد أن نتخيل حياتنا بلا إحترام ، سنرسم صورة ســوداء  لأن الحياة بلا إحترام مثل العالم المظلم يُفقد فيه التواصل والتعامل السامي ، وستظل جميع الأطراف في عالم خاص بها بعيده عن الآخرين ، فعلينا من اليوم أن نراجع حياتنا جيدا ، ونملأها بالاحترام والتقدير لكل من يقابلنا ويتعامل معنا ، ونُعطي صورة جميلة ورائعة عنا ، لأنك ربما تكون قدوة لغيرك أو أن يكون هناك من يتعلم منك ويتابع كل ما تقوم به ، واختم كلامي بقصة عائلة من شدة تقديرهم للضيف واحترامهم له بعدما ينتهي من وجبة الغداء أو العشاء يقومون بأنفسهم بغسل أيدي الضيوف وتقديم المحارم والفوط وتعطيرهم بل ويستمر ذلك الاحترام والتقدير حتى ينصرف الضيف ، فكيف هو حالنا في الاحترام ، وكيف طبقناه بالفعل بدلا من الاكتفاء بالأقوال والكلمات .

Comments are closed.