ما زلنا في بداية العام الدراسي وكل يوم يبدأ التأقلم من الطلاب والآباء والامهات على مرحلة جديد تتكرر كل سنة وهي العودة إلى المدارس والإلتزام بإيقاظ الأبناء وتحضير الفطور ومتابعة الدروس والواجبات حتى تتحقق في النهاية نتائج ” ترفع الراس ” ، والكل مشغول بتلبية طلبات المدرسة والإهتمام بهذا العام الدراسي من أجل أن يجتاز الإبن أو البنت مرحلة دراسية مهمة وتنتقل إلى أخرى جديدة ، وحديثي اليوم لن يكون الدراسة والمدرسة ، بل سأهتم بالفرصة الرائعة التي يجهلها الأغلبية والتي تتواجد معهم خلال عام دراسي كامل من دون أن ينتهزها إلا القلة القليلة ، وهذه الفرصة تدخل في مجال تطوير الذات ، فالطالب يبدأ حياة جديدة في دراسته ويتأثر بالمتغيرات والمستجدات التي ستحدث بعد جلوسه على مقاعد الدراسة ، فمثلا بالأمس كان ينام من دون إزعاج ولا إيقاظ ، ومع العام الدراسي أصبح الإزعاج موجود من أجل اللحاق بالباص وعدم التأخر ، ولكن كيف لنا أن نستغل العام الدراسي في تطوير الذات في نفوس أبنائنا وبناتنا ، تابعوا الموضوع حتى نعرف ذلك .

 

 

 لا ننكر أن من أهم الأمور في حياتنا والتي أصبحت مجال لا يُمكن إهماله وهو تطوير الفرد او تطوير الذات ، فعند طرح الدورات التدريبية في هذا المجال نجد الإقبال الكبير من الجمهور ، وذلك بسبب أهميته وتأثيره على الشخصية وتغييرها للأفضل ،ويُمكن لأي فرد أن يطور من نفسه أو يطور غيره من دون تلك الدورات ، وهنا نرغب في ربط التطوير بالطالب وعامه الدراسي ، وكيف يُمكن للوالدين إحداث تغيير كبير ( راح تشكروني عليه ) في نفوس أطفالهم ، بطريقة تجعل حياتهم مُريحة مقارنة بغيرهم الذين يجب في كل صباح الدخول في معركة شرسة من أجل الإيقاظ وتجهيز الأبناء للمدرسة ، فهو سر من أسرار ” علمتني الحياة ” موجود في جانب لكن أين من سيكتشف ذلك السر في ذلك الجانب ، المسألة ليست مُعقدة بقدر أنها تحتاج إلى الصبر والعزيمة والإصرار  حتى تُعطي نتائجها خلال سنة أو سنتين ونضمن أن لا تطول المدة أكثر من ذلك ، ونفشل في تطبيق السر الجديد .

سنة أولى دراسة :

كلنا يعلم أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر ، أي سهولة غرس المفاهيم في الطفل  وكأنه عجينة تُشكله كيفما تشاء وتغرس فيه القيم والأخلاق وتجد سهولة الاستجابة منه ، فهذه الصفة في كل الأطفال موجودة وعلى الأبوين إستغلالها في غرس حب الدراسة والذهاب للمدرسة من أول يوم لطفلهم الصغير ،  بحيث يكون أغلب حديثه عن المدرسة وشوقه لها ولإصدقائه ومن ثم إضافة حب الإطلاع والقراءة ، ومع مرور الأيام من العام الدراسي يتم مراجعة الدروس من الوالدين مع طفلهم ، بهذه الطريقة يكون عام دراسي واحد تم غرسة عدة أمور مهمة في عقل الطفل ، وهي حب الدراسة والإطلاع والقراءة ونتيجة لذلك نكون استطعنا تنمية عقل الطفل بالطريقة الصحيحة مع وجود معاناة وتعب في تجهيز الطفل للمدرسة ، ولكن النتائج التي ستتحقق في هذا العام ستساعدهم في العام القادم .

الإلتزام من أجل النجاح :

عندما ينغرس مفهوم أهمية الدراسة في نفوس الأولاد ، سينعكس ذلك على إلتزامهم في صفوفهم الدراسية أو في المنزل من أجل مراجعة الدروس ومذاكرتها ، وخاصة لو تم غرس مفهوم لكل مجتهد نصيب أو ” دراسة + مذاكرة + إلتزام = علامات مرتفعة = النجاح ” ، فالمفهوم السائد لدى الطلاب هي المذاكرة قبل الإمتحان ، وهذا ما يحدث حيث يكون الطالب مُهمل طوال سنواته وفي السنة الأخير وبالتحديد قبل الامتحانات النهائية بأسبوع يبدأ بالإهتمام لحصد نتيجة إيجابية تؤهله لإكمال دراسته الجامعية ، ربما تنجح هذه الطريقة ولكن المخزون المعلوماتي لدى هذا الطالب سيكون منخفض جدا ، لأنه لم يهتم بالمعلومات طوال سنوات الدراسة ، لذا فأهمية الإلتزام في أول سنة امتحانات للطالب ستُساعده كثيرا في النهاية ، وتجعله طالب مُثابر ومجتهد على مدار المرحلة التعليمية بدلا من أيكون كسولا في البداية ووقت الجد يكون جاد فتتكون شخصية لا تتقدم في سوق العمل في المستقبل .

أيضا الإلتزام يجب أن يكون في الإهتمام بالجانب الديني ، فهناك عائلات يوقظون أبنائهم بعد صلاة الفجر ، وسؤال ما هو المانع في أن أغرس مفهوم أهمية الإلتزام بالفرائض واربطها مع الدراسة ، وخاصة أننا ذكرنا أن الطفل يكون نظيفا من الداخل مستعدا للإستقبال الأفكار والقيم التي تُغرس فيه ، ابدأ مع أبنائك وأيقظهم للصلاة واذهب معهم للمسجد ومن بعدها فليبدؤوا الإستعداد للمدرسة ، وما أجملها من بداية يوم بصلاة الفجر في جماعة ( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله ) ، وهذا المفهوم عندما ينغرس ستكون نتائجة مريحة للعائلة في المستقبل ولن تحتاج إلى المعارك من أجل الذهاب للمدرسة ، لأن الأبن سيكون مُبرمج على الإستيقاظ للصلاة والإستعداد لليوم الدراسي وكل ذلك نتيجة المفاهيم التي تم غرسها سابقا .

مفاهيم أخرى :

هناك مفاهيم أخرى يتجاهلها البعض ، والبعض الأخرى يغرسها بشكل لا إرادي ، وهذه المفاهيم مهمة في حياتنا وفي تعاملاتنا ، ونحتاج إلى تواجدها دوما معنا ، ومنها :

  • اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية  :

فالطلب يتعرض لمواقف كثيرة  في مراحل تعليمه  ، وبعضها يحتاج إلى القدرة على اتخاذ القرار والتي تحتاج من الشخص فهم جميع جوانب الموقف حتى يُمكنه من اتخاذ القرار الصحيح ، مثلا معلم طلب من أحد التلاميذ دفع مبلغ من المال كنشاط صفي وذلك لشراء جهاز كمبيوتر أو طابعة ( كمثال ) بعض الطلاب من دون تفكير سيدفع طمعا في علامة النشاط وخوفا من الرفض الذي ربما يتسبب بتغير تعامل المعلم مع الطالب ، في هذا الموقف يحتاج الطلب اتخاذ قرار يُنهي الموضوع ، وهنا يأتي دور الآباء في غرس ذلك في نفس ولدهم حتى تكون لديه القدرة على التعامل وتحمل المسؤولية في قراره .

” اتذكر أحد المُعلمين طلب مني شراء ماسح ضوئي للمدرسة لكي يتم استخدامه في الأوراق الصفية ، وقلت له كلمة  إن شاء الله  بالرغم من أنني لا أرغب بذلك ولكنني لم اتخذ القرار ، مما أدى إلى قيام المعلم بالسؤال عن الماسح الضوئي يوميا عند دخوله للحصة وعند خروجه ، حتى قمت باتخاذ القرار بالرفض وأن هذا الأمر مسؤولية المدرسة وليست مسؤوليتي ، وفي نهاية العام حصلت على علامة جيدة بينما زميلي الذي قام بشراء حبر طباعة للمعلم حصل على درجات أقل مني “

  • فن التعامل مع الآخرين :

الأغلبية من الطلاب والطالبات يتعرضون في كل مرحلة دراسية جديدة إلى زملاء متحرشين ، ويتسببون لهم بالأذى من خلال الألفاظ البذيئة أو إحداث مشاكل لهم ، وهذه الفئة تحتاج فن التعامل معهم مما يضمن بُعدهم عنه وعدم التسبب لهم، وهنا يأتي دور قوي للوالدين وخبراتهم أيام دراستهم ونصائحهم في كيفية التغلب على هذه المواقف والتعامل معها ، ومنها تكوين شخصية قوية للطالب نفسه ليكون مستعدا لمواجهتهم ، بينما إن كان ذو شخصية ضعيفة فاعتقد أنه لن يتمكن من التعامل معهم ومع أمثالهم في كل سنة وفصل دراسي ، لذا سيجب على الطالب تعلم كيفية فرض نفسه على الجميع بالإحترام والتقدير .

أخيرا ، المسألة ليس مسألة  ” خذوه فغلوه ”  فكما ذكرت سابقا أن تطوير الطالب من خلال المنزل وتنمية القدرات والمهارات لديه وتكوين شخصية تتناسب مع الظروف المُحيطة به وهي المرحلة الدراسية تتطب من الوالدين الصبر والهدوء وعدم استعجال النتائج ، فالعمل لن يأتي في ليلة وضحاها ، ويجب أن لا يُخطئا في غرس كميات كبيييرة من المفاهيم في طفلهم من أجل أن تتكون الشخصية بسرعة لأن ذلك سيؤدي إلى نتائج سلبية أكثر من النتائج الإيجابية التي كانا ينتظرانها ، فلو قسمنا المراحل الدراسية لدى الطفل لنجد أن أولى سنوات هي في رياض الأطفال ” الروضة ” ، لذا لن يحتاج إلى فن التعامل مع الآخرين ، بل في هذه المرحلة يجب أن نُحبب الطفل في المدرسة والدراسة وأن يحترم زملائه ومُعلميه ، وأن يؤدي واجباته على أكمل وجيه ولا يؤجل عمل اليوم إلى الغد ، بهذا نكون غرسنا مفاهيم بسيطة تزداد كلما تخطى مرحلة دراسية ونُطعهما بجوانب أخرى بما يتناسب مع المرحلة التي هو فيها ، بهذا يكون حققنا المراد واستطعنا تنمية الطفل وتطوير نفسه وإكسابه مهارات وقدرات تُساعده في مواجهة مصاعب الحياة الدراسية  العامة ، وحتى نحقق قدرة المنزل على تنمية الطفل من خلال ذهابه للمدرسة ، لأن الغرس يبدأ في المنزل والتطبيق يكون في المدرسة من خلال تلك المواقف والأحداث ، وبين المنزل والمدرسة تنمية وتطوير .

5 thoughts on “بين المنزل والمدرسة … تنمية !!”
  1. جميل أن يستغل الآباء والأمهات فترة الدراسة بتوجيه أولادهم وإعطاءهم دروس في الحياة ومعاملة الآخرين, غرس حب الدراسة والعلم هو ما نحتاجه لتكوين أجيال تهتم بالعلم والبحث, وأكيد ده صعب لأني دائما أرى أطفال العائلة والأقارب لا يحبون الدراسة كثيرا ولكنها مسئولية أعان الله عليها أولياء الأمور

  2. نستطيع ان نقول ان التعليم هو السبيل الوحيد لتفوق العالم العربي من جديد و صحوته
    لكن طبعا هناك مئات العقوبات التي تقف في طريق التلاميذ و الاولياء

  3. نعم كم هو جميل لو قام بالآباء والامهات بذلك .. لأن التربية والتعليم ليست مقتصرة على المدرسة ، بل هي مُكملة لدور المنزل و كما ذكرتي فهي مسـؤولية يجب أن نقوم بها على أكمل وجه ..

    شكرا لتفاعلكِ بارك الله فيكِ ..

  4. ستطيع ان نقول ان التعليم هو السبيل الوحيد لتفوق العالم العربي من جديد و صحوته
    لكن طبعا هناك مئات العقوبات التي تقف في طريق التلاميذ و الاولياء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *