عند ولادة الطفل وحتى مراحل حياته من الصغر وحتى الكبر تنشأ علاقة حب قوية بينه وبين الأرض التي ولد حيث أنه مُستعد أن يُضحي من أجلها ومن أجل حريتها ، ولن يرضى أن تتعرض الأرض التي احتضنته وترعرع عليها أن يُصيبها أي مكروه من أي شخص كان يُريد بها سـوء ، فعلاقة الحب القوية تجعله يقوم بذلك لأنها حق من حقوقها ومحاولة منه لرد جميل تلك الأرض والتي نُطلق عليها الوطن ، فما أجمل تلك اللحظات لدى المغتربين عندما يعودون إلى أوطانهم وأول ما يقومون به بعد حمد الله تعالى وشكره والسجود وتقبيل تلك الأرض فهي حبيبتهم وحياتهم التي عاشوا عليها ولم يتحملوا فراقها او البعد عنها ، وكما هو شعارنا في دولتنا ” وطني أنا .. أنا وطني ” ، فالوطن له حقوق وواجبات يجب علينا نحن كأفراد أن نؤديها على أكمل وجه ، ويا حسرة على من يسأل ما هي حقوق الوطن فيقع في موضوع حق وطن وظلم شعب .

في هذا العالم المتطور وخلال سنوات وأعوام ظهرت لدنيا منظمات وجمعيات تدعوا إلى إعطاء الحقوق ، فهنا حقوق الإنسان ، وحقوق الحيوان والكثير منها حتى بلغ الحال أن يظهر منها ما يُطالب بحقوق الجنس الثالث ، ونسوا أو تناسوا أن يهتموا بأهم الحقوق في حياة الفرد والتي يجب أن نثقف البشرية لأهميتها ونوعيهم بضرورة الاهتمام بها إلا وهي حق الوطن او الأرض التي حملتنا طوال حياتنا فعليها تربينا وعليها تعلمنا ، وشاركتنا مختلف حياتنا بحلوها ومرها بفرحها وحزنها وتواجدت معنا في كل لحظاتنا  ، فعلاقة الحب التي بيننا وبينها لم تنشأ من فراغ بل لأنها شاركتنا كل تلك اللحظات منذ الولادة وحتى أن نلقى الله تعالى ، فمن منا لا يحب وطنه ولا يعشق الأرض التي بدأت حياته عليها ، فكما أن للوالدين حقوق ، والزوجين حقوق ، والأبناء حقوق وواجبات ، فأيضا أرض الوطن لها حقوق على كل من يمشي عليها أن يقوم بأداء تلك الحقوق فما هي إلا محاولة منا لرد جميل الوطن مع أننا نعلم يقينا عدم قدرتنا على رد جميلها بالكامل، فالواجب والمفروض علينا أن نعرف جيدا تلك الحقوق ، فهي مسؤولية وأمانة في أعناقنا ، فالوطن ليس مجرد وطن بل هو اسم محفور في قلوبنا .

كم عدد الحملات التي تمت من أجل تنظيف الإمارات والتي كانت في الحدائق والشواطئ والمناطق الرملية ، ألم نسأل أنفسنا عن سبب وجود هذه الحملات التنظيفية ، لأن هناك فئة أهملت حق الوطن في الاهتمام بنظافته ، وهذا الواجب الذي يجب على كل فرد أن يهتم به بدلا من التقصير تجاه تلك الأرض الطبية ، والسبب لأننا نفكر في أنفسنا وننسى أن هذه الأرض لها حق أن تكون نظيفة وأن لا تتأذى بمخلفاتنا ، فعلى كل شخص عندما يذهب للاستمتاع والترفيه في أي مكان أن لا ينسى أن يهتم بنظافة المكان عند تركه ، أليس نحن من نقول اننا نحب الوطن ومستعدين للتضحية بأرواحنا فداه ، إذا أبسط الامور لا نطبقها ولا نقوم بها تعبيرا لحبنا وعلاقتنا الوطيدة مع الأرض والوطن ، بل البعض يظن أن هذه الأرض ملك له هو فقط دون أن يُبالي بالآخرين ، اذكر ذلك الشخص الذي رمى سيجارته في الشارع والمصيبه أنه لم يحاول إطفائها قبل رميها ، والآخر قامت الحكومة مشكورة بتعديل الشوارع وبدلا من الاهتمام بها قام بتشويهها  بعجلات السيارة بما يسمى تفحيط  دون مراعاة للمسؤولية الفردية في حق من حقوق أرضنا الغالية ، بل الأمر لا يقتصر على ذلك ، حتى الحوادث والجرائم  هي حقوق للوطن ، فيجب أن نحافظ على أرضنا من حوادث السير ونهتم بمظهرها وجمالها ، وأيضا من يقوم بالجرائم ما هو إلا إعلان بانتهاك حقوق الأرض بأن تكون آمنـه ومستقرة ، فكيف للأرض أن تتحمل مشاهد القتل وانتهاك أعراض الآخرين عليها ، فوالله لو كانت الأرض شخصا لشتكت وتبرأت من كل من أراد بها سـوءا أو أذى .

يجب علينا أن نغرس مفهوم حب الأرض والوطن بالطريقة الصحيحة ، حتى لا يظن البعض أن أداء الحق هو مجرد التضحية في وقت الشدة بل حتى في حياتنا العادية من اهتمام بالمكان وإزالة المخلفات وعدم تشويه الممتلكات بأنواعها ، والمحافظة على جمال أرضنا وروعتها ، ونرعاها ونقوم بواجباتها وكأنها أم لنا نحاول الحصول على رضاها ونبرها ، فما أجمل أرض يقوم شعبها عليها ويُعطوها حقوقها ولا يظلموها ، حتى لا يكونوا شعبا ظالما منعوا الحقوق عنها ووأدوها وهي حية ، ولو ألقينا نظرة للأراضي الأخرى من حولنا لشـاهدنا صورا تُبكي القلوب وتُدمي العيون في شعوب لم تُبالي بأراضيها فأصبحت مستنقعات من الأمراض والفساد والأوساخ ، لأن شعبها فكروا في أنفسهم ونسوا حقوق وطنهم وأرضهم ، فأصبحوا كما ذكرت في المقال ” حق وطن .. وظلم شعب ” ، واختم موضوعي بالإشادة بالجهود الجبارة من أجل إعطاء حق الأرض في داخل الدولة من خلال حملات التنظيف والفعاليات البيئية التي تهدف إلى المحافظ على البيئة ، وأيضا على المستوى العالمي من خلال ساعة الأرض ويوم الأرض ، حيث يتم في الاول إطفاء الأضواء والاجهزة الكهربائية لمدة ساعة واحدة فقط من اجل المحافظ على الأرض وهذا أيضا حق من الحقوق يجب أن يهتم بها كل فرد على أرضه من خلال عدم ترك الإضاءات في المنزل تعمل طوال اليوم أما بالنسبة ليوم الأرض فيهدف إلى نشر الوعي بالمحافظة على البيئة الطبيعية لكوكب الأرض ، فعلينا الاهتمام وعدم النسيان فإن الأرض تتأثر وتتأذى بما نقوم به عليها من أمور سيئة ، فهل حافظنا عليها وقمنا بواجباتنا على أكمل وجه ، فالأرض أرضنا والوطن وطنا وأنتم مسؤولون عنه فكونوا على قدر تلك المسؤولية .

4 thoughts on “حق وطن .. وظلم شعب”
  1. موضوع مهمّ جدا حمستني للكتابة عنه صديقي، ولو أنك لم تترك لغيرك الكثير..
    المشكلة هي أن كل ما فوق ضروريات الحياة والمزايدات الكلامية صار يعتبر نوعا من الترف والملهاة، ومؤلم أن أمة تؤجر لنظافتها تكون أبعد الناس عنها.
    الوطنية بمفهومها الضيق شعار حماسي للمناسبات العامة، وهو لا يزيد عن بعض كلمات، ولا ينتقل للفعل إلا نادرا. بناء مفهوم جديد للأرض والوطن والواجب مهمّة ثورية ستبني أوطانا لو أننا نعلم..
    دام قلمك الموفّق الجميل..

  2. نورت مدونتي أخي باسم ..
    الحديث عن حق الوطن مجاله واسع ويُمكن الحديث عنه لسنوات دون الانتهاء منه ..
    انا اتفق معك فيما ذكرت .. لذا نحن بحاجة ماسة إلى غرس مفهوم الأرض والوطن منذ ولادة الطفل …وهو كما ذكرت مهمة ثورية .
    تحتاج لتكاتف الجميع وكل فرد يقوم بدوره ..

    بارك الله فيك .. وفي انتظار تعليقاتك بشوق ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *