بدأت إجازة الصيف ، لتبدأ معها مجموعة من المواسم ، فبعد انتهاء المواسم الكروية في أغلب دول العالم ، إلا إن في دولتنا ودول الجوار يبدأ موسم خاص جدا بجانب موسم السفر والسياحة ، موسم يرسم البسمة على الوجوه ويكون عنوان لحياة زوجية جديدة بين شاب وشابه ، إنه موسم الأعراس والأفراح ، فغالبية الناس تُفضل الصيف للاحتفال بدخول ابنهم للقفص الزوجي ، ولضمان حضور عدد كبير من الأقارب والأصحاب والأصدقاء ، فبطاقات الدعوة لا تنتهي طوال تلك الفترة حتى بداية العام الدراسي الجديد ، لتتوقف الأعراس تدريجيا حتى تجد في الشهر الواحد بطاقتي دعوة أو ثلاث فقط ، ونحن هناك لن نتحدث عن الزواج أو التجهيز للأعراس ، بل الحديث سيكون عن شريك الحياة وكيفية اختياره ، فكما نعلم أن هناك عدد من حالات الطلاق يكون سببها الإختيار الغير صحيح لشريك الحياة ، وخاصة عند بعض العوائل التي تمنع النظرة الشريعة ، او يتم اختيار الزوجة من قبل الام أو موافقة الأب لزواج ابنه بسبب العلاقات الطيبة مع أهل العروس دون الانتباه إلى أن الحياة الزوجية بين ذلك الابن وتلك الفتاة وهي حياتهم هم وليست حياة أسرهم ، إذا نقول لشبابنا وشاباتنا ، كيف تختار شريك حياتك ؟.

قبل الحديث يجب أن يفهم كلا الطرفين الشاب والفتاة أن الحياة الزوجية هي صفحة جديدة في حياة كل منهما الآخر ، وأن كلاهما ستكون عليه واجبات ومسؤوليات يجب أن يقوم بها تجاه شريكه دون تقصير ، وأن يفهم كلاهما جيدا ، أن الحياة الزوجية تختلف اختلافا كليا عن حياة العزوبية ، فالشاب في العزوبية كان كثير الخروج مع الزملاء والاصحاب ، وربما يكون كثير الترحال في الإجازات ، بل ربما يكون من الأشخاص الذي يعودون إلى منازلهم متأخرين ،ولكن الوضع يختلف بعد دخول العش الزوجي فيجب عليه أن يتذكر دائما أن هناك شخص يهتم فيه وينتظره ، ولا يُمكنه النوم إلا بعد الإطمئنان عليه ، بل إنه يقلق عليه لو حدث له مكروه ، وكذلك الفتاة ، فيجب أن تعرف جيدا أن زوجها هو المسؤول عنها ، فعليها بطاعته فيما يرضي الله تعالى ، وتسنى حياتها السابقة مع أهلها ، ولتبدأ صفحة جديدة مع زوجهـا ، تُعينه وتكون له السكن الذي يلجئ إليه في حالة تعبه ، فهو جنتها ونارها ، وهي التي تختار كيف تكون حياتها ، لأن الحياة الزوجية ليست حياة عادية ، بل ستحدث المواقف والأحداث فيها وغير ذلك المشاكل العادية والكبيرة ” الله يبعدها عن الجميع ” ، فتحتاج لزوجين متفاهمين يعرفان كيف يواجهان الحياة الجديدة بما فيها ، ليُكتب لهما الاستقرار والسعادة بإذن الله ، إذا نتفق جميعنا أن الحياة الزوجية تختلف تمام عن الحياة العادية ” العزوبية ” ، إذا كيف تختار شريك حياتك لتضمن حياة سعيدة ومستقرة إن شاء الله .

  • ثق في ربك :

قبل اختيار شريك الحياة ، يجب أن يثق الشاب أو الفتاة ثقة عمياء في خالقهما ، وليقنعا أنفسهما أن الحياة الزوجية ما هي إلا نعمة من رب العالمين ، والله لم يكتبه علينا إلا لحكمة ربانية ، لأن مشكلتنا اليوم تكمن في عدم إعطاء الزواج أهميته ، بل إن البعض يجعله مثل أمر يقوم به الشاب عند بلوغه لسن معينة ،وكأنه شي متوارث من الزمن القديم ، ولا انكر أن هناك فئات تنظر على أنه نقمة ، ومثلما يقولون ” صداع زوجة وعيال ، ومسؤوليات صعبة ” ، رغم أن كل من وثق في ربه عزوجل ، ومن ثم تزوج يجد نفسه سعيدا ومرتاح البال ، لأن يعلم أن هذا الامر أي الزواج ، ما هو إلا عالم آخر .

  • الاستخارة :

بعد أن تثق في ربك سبحانه وتعالى ، وتعقد العزم على الزواج ، وتكون هناك فتاة معينة في حياتك ، قم بالاستخـارة للزواج ، ومن ثم الاستخارة في الفتاة التي اخترتها ، وتذكر ” ما خاب من استخار ، وعلم أنك تستخير ربك في حياتك الزوجية ، وما أجملها وأروعها من لحظة وانت تستخير خالقك ، فعلم وثق تماما أنه لن يضيعك ، وتذكر أيضـا أن بعد الاستخارة لا تنتظر حلما جميلا أو أمر معينا ، فنتائج الاستخارة تأتي بتسهيل الامور وتوفيق الله لك في خطواتك نحو عقد القران، بل إنك ستصل لمرحلة من الراحة والطمأنينة تجاه تلك الفتاة ، فاعلم أنها نتائج الاستخارة ، فالثقة في الله والاستخارة ، عاملين مهمين جدا في اختيار شريك الحياة .

  • ثق في نفسك :

باختصار ، هل أنت قادر على الزواج ؟ هل أنت قادر على أن تقوم بمسؤوليات الزوج على أكمل وجه ؟ نعم ، فإن لم تكن واثقا من نفسك ومترددا ، فلا تتزوج ،ما ذنب الفتاة التي سترتبط بك في زوج لا يصلح بأن يكون مسؤول عنها لافتقاده القدرة على إدارة الحياة الزوجية وتأديه الواجبات تجاه الزوجة ، وكما تقول أمي ” لا تزوج الولد لين ما ايي بروحه ويقول أبا اتزوج ” .

  • النظرة الشرعية:

من أهم الأسباب في نجاح الحياة الزوجية ، فعلى كل شاب أن يُطالب بالنظرة الشرعية لشريك حياته ، وعلى كل عائلة أيضا أن تسمح بذلك ، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان يحث على النظر لمن اراد الزواج ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى بَعْضِ مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ ” . قَالَ : فَخَطَبْتُ جَارِيَةٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا تَحْتَ الْكَرَبِ حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا .

إذا على كل شاب يُفكر في الزواج أن يسعى في النظرة الشرعية، وهنا اذكر لكم قصة شاب اراد الزواج من ابنة رجل ملتزم التزاما شديدا ، وطلب من الاب أن ينظر للفتاة ، ولكنه رفض ذلك  وبشدة رغم اصرار الشاب على النظرة ، ولكنه في الاخير استسلم ورضى بالزواج من الفتاة ، وفي الليلة الاولى لهما وبعدما كشف عن وجه الفتاة إلا يشعر  بأن نفسه عافت العروس ، وسُدت نفسه منها  ، ولم يُكمل ليلته إلا وقد طلقها ، وعندما وصل الامر لوالدها ، جاء مسرعا يترجى في  الشاب ان يحتفظ ببنته كخادمة بدلا من الطلاق وتكون مُطلقة ، وغيرها من أقاويل الناس وحديثهم  ،فذكره الشاب بأن ما حدث هو سببه بعدما رفض النظرة الشرعية .

وفي المقابل أيضا اتذكر قصة الشاب الذي فاجأه والده بالذهاب معه لخطبة فتاة إحدى العوائل ، رغم عدم علم الولد بالموضوع ، فذهب مع والده مُكرها وحزينا ، ودخلوا إلى بيت أهل الفتاة ، وتمت النظرة الشرعية ، وعاد الشـاب مبتسما وسعيدا ، وتزوج تلك الفتاة وعاش معها حياة سعيدة ومستقرة .

أهمية النظرة الشرعية تمكن في ارتياح الطرفين للآخر ، وسبحان الله في النظرة الشرعية بالرغم أنها لا تتعدى الثواني ، إلا أن خلالها تتحقق امور كثيرة بالرغم من عدم معرفة الطرفين للآخر معرفة قوية ، وتكون الحياة الزوجية مستقرة بسبب النظرة الشرعية .

  • الإكثار من الدعاء :

من النقاط التي يجب ان يقوم بها الطرفين ( اي الشاب والفتاة ) بعد النظرة الشرعية ومعرفة شكل الفتاة التي ستكون شريكة حياته ، وارتياحه لها هو الدعــاء بالتوفيق ، والإكثار منه ، كأن يدعو الشاب ربه بأن يؤلف بين قلبه وقلب زوجته ، وأن يجعل حياتهما مستقرة ويرزقهما الذرية الصالحة ويُبعد عنهم كل من يُريد السوء بهما ويقرب الخير لهما . فالله سبحانه وتعالى هو الموفق لكل أمر يُريده الإنسان ، وبما انها بداية صفحة جديدة فأنت تُريدها بداية مليئة بالسعادة والخير ولا تُريدها بداية كلها مشاكل في مشاكل ، فعليك بالدعاء والإكثار منه ، والدعاء يجب أن يكون فيه ثقه في الخالق عز وجل .

  • ثق في فتاتك :

هذه الثقة تكون بين فترة عقد القران حفل الزفاف ، لان في هذه الفترة ستجد الكثير من الاحاديث والاقاويل عن الشاب أو عن الشـابة منه الإيجابي ومنه السلبي وهنا التحذير من الكلام السلبي لأنه لو زاد سيؤثر عليك لدرجة أنك تتراجع عن الزواج من تلك الفتاة ، وتكتشف لاحقا أن كل ما سمعته لم يكن صحيحا بل مُبالغ فيه ، فهناك من سيقول شخصيته ضعيفة ، يسمع كلام والديه ، أو تلك الفتاة غيورة ، وتتحدث كثيرا ، ومُثيرة للمشاكل ، او كثيرة الصرف والاسراف في الشراء ، ونقول للشاب والفتاة ، ما دمت وثقة في ربك ، وتطمنت للفتاة من النظرة الشرعية واكثرت من الدعاء ، فتأكد تمام أن الله سبحانه وتعالى لن يضيعك ، ولتعلم أنه لا يوجد إنسان كامل في هذه الدنيا ، وأن الشاب أو الفتاة التي ترتبط بها سيكون بها سلبيات وإيجابيات ، فانظر للإيجابيات بدقة ، وانظر للسلبيات واسعى إلى تغييرها ، فهناك دورك أو دروها في التغيير ، فمن المستحيل أن تجد  شخص يتوافق معك مئة بالمئة ، وتذكر أن من اخترتها ليست فتاة شوارع ، بل هي فتاة من بيت محترم وأهلها لديهم السمعة الطيبة ، فهل أنت مستعد للاهتمام بأحاديث الآخرين لتخريب حياة زوجية مستقرة كانت تنتظرك !!

سيقول قائل ” اود معرفة الفتاة قبل الزواج بها ، كيف يكون ذلك لو لم اسمع كلام الآخرين ” ، ردي هنا من وجهة نظري ،أولا عليك ان تسأل أهل الثقة ، والذين فعلا يبحثون لك عن السعادة والاستقرار في زواجك ، كالوالدة فهي تملك نظرة ممتازة في معرفة الفتاة ( ولكن لا تسمع كلام أمك في أن تضرب زوجتك في الليلة الأولى )  ، ولديك أخواتك كمساعدات لك في تكوين صورة عن الفتاة ، ثانيا اسمع ما يُقال عن الفتاة من الآخرين من بعييد ، واقصد هنا لا تسمح لأحد أن يتحدث عن زوجة المستقبل أمامك كأن يسرد سلبياتها ، بل كُن كالشاب الذي مر على مجموعة من الناس ، وخلال مروره وسطهم التقطت اذنه همسات عن الفتاة التي سيتزوجها ، فإن كانت إيجابية ، فهو الخير لك ، وإن كانت سلبية فاتركها ، فكما ذكرنا أن من وثق في ربه فلن يضيعه الله ، وأن السلبيات موجودة وانت من يُعالجها .

وحتى أوضح الصورة لكم أكثر ، أحد الشباب أراد الزواج من فتاة ، وعندما صارح أهله بذلك ، الأغلبية اجمعوا أنها لن تُناسبه ، ولعدم وجود التوافق بين الشخصيتين لمعرفتهم بتلك الفتاة ، المهم بعد فترة عاد الشاب وصارح أهله بالزواج وذكر لهم اسم فتاة أخرى ممن يقربون لاهله ، فبمجرد سماعهم للاسم ، ابتسموا جميعا وقالوا له هي الفتاة التي تناسبك فعلا ، هذا التوافق بين الاخرين على شريكة حياتك لم يأتي من فراغ أو من عواطف ، بل من معرفتهم الجيدة في أن هناك توافق بين الطرفين ، ولا يُمكن للسـالب أن ينجذب للسالب إلا إذا كان موجبا .

أخيرا يا أخواني وأخواتي ، النقاط المذكورة ما هي إلى نظرة شاب ، واعتقد أن الإنسـان لو جمع بين الثقة بالله والاستخارة والدعاء في اختيار شريك الحياة ، سيتوفق بإذن الله بشريك حياة يعينه ويسانده في حياة زوجية جديدة ، وسيكون الاستقرار والسعادة هما عنوان لتلك الحياة ، فالله الله في اختيار الزوج أو الزوجة ، فهذه الحياة ليست سنة أو سنتين بل هي علاقة ترابط وتلاحم مدى الحياة ، فعليك بالاختيار الصحيح ، والله الموفق أولا وآخرا ، والمجال مفتوح لتشاركونا بما لديكم بارك الله فيكم .

Comments are closed.